أغلقت أوروبا فعلياً أشهر طريق برّي يؤدي إلى قلب القارة العجوز، وذلك خلال هذا الأسبوع. وبهذا أُغلق الطريق الذي كانت تسلكه أفواج المهاجرين البائسين القادمين من الشرق الأوسط وما وراءه.
وشهدت السنة الماضية قدوم أكثر من مليون وافد عبر تلك الرحلة، بمن فيهم طالبو اللجوء من البلدان التي مزّقتها الحروب مثل العراق وسوريا، وأيضاً الباحثون عن فرص عمل من البلدان الأخرى مثل باكستان وبنغلاديش.
فقد تدفقوا نحو الجزر اليونانية عبر القوارب، ثم بدأوا في السفر براً نحو البلاد الأوروبية مثل ألمانيا والسويد، حيث توفر أسواق العمل بهذه البلاد فرصاً للعمل، فضلاً عن المزايا الجيدة التي يسعى إليها هؤلاء الهاربون من الحروب في الأساس، وفق تقرير نشرته صحيفة واشنطن بوست الأميركية، السبت 12 مارس/آذار 2016.
ولكن مع التحركات التي اتخذها الاتحاد الأوروبي هذا الأسبوع، وبمشاركة عديد من البلدان الأخرى القادرة على تغيير اللعبة في ما يتعلق بأزمة اللاجئين بأوروبا، فحريّ بنا أن نعلم الآتي:
في الوقت الحالي، أغلق الطريق الذي اعتاد أن يسلكه المهاجرون وطالبو اللجوء الذين كانوا يعبرون إلى أوروبا بصورة غير شرعية عبر البلقان. وينطبق هذا على الباحثين عن فرصة عمل، بالإضافة إلى اللاجئين المحتمل أن يكونوا هاربين من الحروب الدائرة في سوريا والعراق وأفغانستان.
أحرزت أوروبا اتفاقاً تمهيدياً مع تركيا التي يلجأ المهاجرون وطالبو اللجوء إلى مهربين فيها من أجل الدخول إلى أوروبا. فالأتراك سيوافقون على عودة كل المهاجرين الجدد الذين يحاولون أن يعبروا بحر إيجه، مقابل أن توافق أوروبا على برنامج أكثر تنظيماً يُمكّن تركيا من أن ترسل لهم مواطناً سورياً مباشرةً عبر الجو بدلاً من كل سوري يتم التقاطه من البحر ويُعاد إليها.
واتُخذ قرار يقضي بأن أي سوري يُلقى القبض عليه أثناء محاولته السفر عبر بحر إيجه سيحرم مباشرة من برنامج إعادة التوطين القانوني.
إلا أنه يبدو حالياً أن السوريين فقط، وليس الأفغان والعراقيون الذين يمثلون ما يقرب نصف عدد طالبي اللجوء، سيكونون مؤهلين لإعادة توطين مباشرة. والسجل الأوروبي المتعلق بقبول السوريين القادمين من دول الجوار يبدو محزناً. وهو ما يرفع من المخاوف التي تقول إن معظم طالبي اللجوء سيبقون عالقين في تركيا، حيث تزداد وتيرة العنف وعدم الاستقرار.
وبما أن تركيا لم تبدأ بعد في استعادة المهاجرين، فالعديد من طالبي اللجوء لا يزالون يسلكون الطريق المؤدي إلى اليونان الذي يعتبر نقطة الدخول إلى أوروبا.
إلا أنهم عالقون لأن دول "الترانزيت" - بما فيها مقدونيا، وصربيا، وسلوفينيا، وكرواتيا - قررت هذا الأسبوع أن توقف حقوق الترانزيت للجنسيات التي تحتاج إلى تأشيرة من أجل دخول دول الاتحاد الأوروبي. وهذا يعني أن الأوروبيين والأميركيين وحاملي تأشيرات دخول أوروبا لا يزال يمكنهم الدخول. ولكن المهاجرين وطالبي اللجوء الذين لا يحملون تأشيرة - أي جميعهم تقريباً - لا يمكنهم الدخول.
الجواب المهني: نعم. بيد أن تلك الدول، على سبيل المثال سلوفينيا، تلتفّ حول ذلك الحق بطريقة مهنية أيضاً. فأي طالب لجوء يرغب في العبور إلى أراضيها من أجل الحصول على حماية رسمية في سلوفينيا، فلا مشكلة في ذلك ويمكنه أن يفعل. إلا أن معظم هؤلاء المهاجرين يسعون في المقابل إلى الدول الأوروبية الغنية في الشمال الغربي. ولكن إن دخلوا إلى سلوفينيا، فعليهم البقاء فيها. وفي الغالب لا يرغب معظم طالبي اللجوء في أن يفعلوا ذلك.
بعض دول الترانزيت، بما فيها مقدونيا وصربيا، ليست أعضاءً في الاتحاد الأوروبي أو المنطقة مفتوحة الحدود المعروفة بمنطقة "شنغن"، التي تسمح بالسفر عبر بلدانها الـ26 من البرتغال وحتى فنلندا.
تقنياً كان يمكن للمسافر أن يركب سيارة في سلوفينيا ويتخذ الطريق نحو لشبونة دون أن يبرز جواز سفره لمرة واحدة، ولكن أصبح ذلك من الماضي الآن.
لكن التهديدات الأمنية من المسلحين المتخفين بين المهاجرين والحملة الكبيرة ضد تدفق طالبي اللجوء خلال الأسابيع الأخيرة، أدت إلى إجبار كثير من البلاد الأوروبية على أن تعيد تفعيل فحص الهويات على حدودها. ومن المرجح أن يظل الأمر هكذا خلال المستقبل القريب، على الأقل حتى تنحسر أزمة اللاجئين تماماً.
بعض المهاجرين الذين تتوافر لديهم السيولة النقدية يلجأ إلى المهربين من أجل مساعدتهم على التسلل إلى أوروبا. وآخرون يحاولون أن يسلكوا الطريق من خلال الأسلاك الشائكة بعد مساومة حراس الحدود أنفسهم. إلا أن تلك المحاولة تعد شديدة الخطورة فقد يواجه المهاجرون خطر إلقاء القبض عليهم، فضلاً عن العنف الذي يرتكبه قطاع الطرق وأيضاً الشرطة في بعض البلاد.
في الوقت الراهن، أُغلق الطريق أمام المهاجرين الراغبين في العبور عبر البلقان، فيتم إيقافهم في اليونان. والدلائل تشير إلى أن الطريق إلى الشمال قد أُغلق بشكل شبه مؤكد. فسلوفينيا على سبيل المثال، إحدى دول الترانزيت الأساسية، كانت تستقبل ما يقرب من 14 ألف مهاجر عبر أراضيها كل يوم، وذلك في أكتوبر/تشرين الثاني الماضي. إلا أنه ومنذ تفعيل هذه السياسة يوم الأربعاء الماضي، قال وزير الخارجية السلوفيني إنه لم يدخل أي لاجئ إلى بلده.
إن هذا الأمر شديد الصعوبة في جنوب غرب أوروبا. فالمجر أغلقت الطريق، بل وتلقي القبض على أي طالب لجوء يحاول العبور. قد تكون ألبانيا وبلغاريا خياراً محتملاً أمام 13 ألف مهاجر حُوصروا على الحدود اليونانية المقدونية. لكن التضاريس الألبانية - بما فيها الجبال والبراري - تجعل الأمر صعباً، كما تزيد عصابات المافيا المحلية من تلك المعضلة، فهم يضربون المهاجرين ويبتزونهم. أما في بلغاريا، فالحدود تخضع نسبياً لحراسة شديدة، والسلطات هناك تلقي القبض على المهاجرين، فضلاً عن ادعاءات تقول إنهم يتعرضون للضرب إن حاولوا المرور عبر ذلك الطريق.
ومع كل هذا تخشى بعض الجماعات التي تقدم المساعدات من أن إغلاق طريق البلقان سيجبر المهاجرين على محاولة المرور إلى أوروبا عبر الطريق الأكثر خطورة، والمعروف بـ"طريق وسط البحر الأبيض المتوسط" والذي يمر عبر ليبيا، التي تنتشر فيها الفوضى، ليقطع المهاجرون خلاله مساحة كبيرة للغاية من البحر كي يصلوا إلى شواطئ إيطاليا.
وكان هذا الطريق معروفاً في بداية الأزمة الحالية عام 2014. إلا أن آلاف القتلى الذين قضوا في ليبيا فضلاً عن تدهور أوضاعها، قاد المهاجرين إلى أن يستبدلوا هذا الطريق بالطريق الأسهل نسبياً عبر تركيا واليونان والبلقان. لكن هذا الأمر قد يتغير جراء الوضع الراهن.
وشهدت السنة الماضية قدوم أكثر من مليون وافد عبر تلك الرحلة، بمن فيهم طالبو اللجوء من البلدان التي مزّقتها الحروب مثل العراق وسوريا، وأيضاً الباحثون عن فرص عمل من البلدان الأخرى مثل باكستان وبنغلاديش.
فقد تدفقوا نحو الجزر اليونانية عبر القوارب، ثم بدأوا في السفر براً نحو البلاد الأوروبية مثل ألمانيا والسويد، حيث توفر أسواق العمل بهذه البلاد فرصاً للعمل، فضلاً عن المزايا الجيدة التي يسعى إليها هؤلاء الهاربون من الحروب في الأساس، وفق تقرير نشرته صحيفة واشنطن بوست الأميركية، السبت 12 مارس/آذار 2016.
ولكن مع التحركات التي اتخذها الاتحاد الأوروبي هذا الأسبوع، وبمشاركة عديد من البلدان الأخرى القادرة على تغيير اللعبة في ما يتعلق بأزمة اللاجئين بأوروبا، فحريّ بنا أن نعلم الآتي:
من المتأثرون بالقرار؟
في الوقت الحالي، أغلق الطريق الذي اعتاد أن يسلكه المهاجرون وطالبو اللجوء الذين كانوا يعبرون إلى أوروبا بصورة غير شرعية عبر البلقان. وينطبق هذا على الباحثين عن فرصة عمل، بالإضافة إلى اللاجئين المحتمل أن يكونوا هاربين من الحروب الدائرة في سوريا والعراق وأفغانستان.
ماذا حدث إذن؟
أحرزت أوروبا اتفاقاً تمهيدياً مع تركيا التي يلجأ المهاجرون وطالبو اللجوء إلى مهربين فيها من أجل الدخول إلى أوروبا. فالأتراك سيوافقون على عودة كل المهاجرين الجدد الذين يحاولون أن يعبروا بحر إيجه، مقابل أن توافق أوروبا على برنامج أكثر تنظيماً يُمكّن تركيا من أن ترسل لهم مواطناً سورياً مباشرةً عبر الجو بدلاً من كل سوري يتم التقاطه من البحر ويُعاد إليها.
واتُخذ قرار يقضي بأن أي سوري يُلقى القبض عليه أثناء محاولته السفر عبر بحر إيجه سيحرم مباشرة من برنامج إعادة التوطين القانوني.
إلا أنه يبدو حالياً أن السوريين فقط، وليس الأفغان والعراقيون الذين يمثلون ما يقرب نصف عدد طالبي اللجوء، سيكونون مؤهلين لإعادة توطين مباشرة. والسجل الأوروبي المتعلق بقبول السوريين القادمين من دول الجوار يبدو محزناً. وهو ما يرفع من المخاوف التي تقول إن معظم طالبي اللجوء سيبقون عالقين في تركيا، حيث تزداد وتيرة العنف وعدم الاستقرار.
إن كان اتفاقاً تمهيدياً، لماذا أُغلق الطريق بالفعل؟
وبما أن تركيا لم تبدأ بعد في استعادة المهاجرين، فالعديد من طالبي اللجوء لا يزالون يسلكون الطريق المؤدي إلى اليونان الذي يعتبر نقطة الدخول إلى أوروبا.
إلا أنهم عالقون لأن دول "الترانزيت" - بما فيها مقدونيا، وصربيا، وسلوفينيا، وكرواتيا - قررت هذا الأسبوع أن توقف حقوق الترانزيت للجنسيات التي تحتاج إلى تأشيرة من أجل دخول دول الاتحاد الأوروبي. وهذا يعني أن الأوروبيين والأميركيين وحاملي تأشيرات دخول أوروبا لا يزال يمكنهم الدخول. ولكن المهاجرين وطالبي اللجوء الذين لا يحملون تأشيرة - أي جميعهم تقريباً - لا يمكنهم الدخول.
ولكن ألا يقضي القانون الدولي بأن يُمنح طالبو اللجوء جلسة عادلة للاستماع إلى أسبابهم؟
الجواب المهني: نعم. بيد أن تلك الدول، على سبيل المثال سلوفينيا، تلتفّ حول ذلك الحق بطريقة مهنية أيضاً. فأي طالب لجوء يرغب في العبور إلى أراضيها من أجل الحصول على حماية رسمية في سلوفينيا، فلا مشكلة في ذلك ويمكنه أن يفعل. إلا أن معظم هؤلاء المهاجرين يسعون في المقابل إلى الدول الأوروبية الغنية في الشمال الغربي. ولكن إن دخلوا إلى سلوفينيا، فعليهم البقاء فيها. وفي الغالب لا يرغب معظم طالبي اللجوء في أن يفعلوا ذلك.
ألا تفتح معظم دول أوروبا الحدود بينها من أجل السماح للسفر بين بلادها دون الحاجة إلى تأشيرة دخول؟
بعض دول الترانزيت، بما فيها مقدونيا وصربيا، ليست أعضاءً في الاتحاد الأوروبي أو المنطقة مفتوحة الحدود المعروفة بمنطقة "شنغن"، التي تسمح بالسفر عبر بلدانها الـ26 من البرتغال وحتى فنلندا.
تقنياً كان يمكن للمسافر أن يركب سيارة في سلوفينيا ويتخذ الطريق نحو لشبونة دون أن يبرز جواز سفره لمرة واحدة، ولكن أصبح ذلك من الماضي الآن.
لكن التهديدات الأمنية من المسلحين المتخفين بين المهاجرين والحملة الكبيرة ضد تدفق طالبي اللجوء خلال الأسابيع الأخيرة، أدت إلى إجبار كثير من البلاد الأوروبية على أن تعيد تفعيل فحص الهويات على حدودها. ومن المرجح أن يظل الأمر هكذا خلال المستقبل القريب، على الأقل حتى تنحسر أزمة اللاجئين تماماً.
هل حقاً أُغلق الطريق إلى أوروبا أمام المهاجرين؟
بعض المهاجرين الذين تتوافر لديهم السيولة النقدية يلجأ إلى المهربين من أجل مساعدتهم على التسلل إلى أوروبا. وآخرون يحاولون أن يسلكوا الطريق من خلال الأسلاك الشائكة بعد مساومة حراس الحدود أنفسهم. إلا أن تلك المحاولة تعد شديدة الخطورة فقد يواجه المهاجرون خطر إلقاء القبض عليهم، فضلاً عن العنف الذي يرتكبه قطاع الطرق وأيضاً الشرطة في بعض البلاد.
في الوقت الراهن، أُغلق الطريق أمام المهاجرين الراغبين في العبور عبر البلقان، فيتم إيقافهم في اليونان. والدلائل تشير إلى أن الطريق إلى الشمال قد أُغلق بشكل شبه مؤكد. فسلوفينيا على سبيل المثال، إحدى دول الترانزيت الأساسية، كانت تستقبل ما يقرب من 14 ألف مهاجر عبر أراضيها كل يوم، وذلك في أكتوبر/تشرين الثاني الماضي. إلا أنه ومنذ تفعيل هذه السياسة يوم الأربعاء الماضي، قال وزير الخارجية السلوفيني إنه لم يدخل أي لاجئ إلى بلده.
ألا يستطيع المهاجرون أن يتخذوا طريقاً آخر بعيداً عن الدول التي أغلقت أبوابها؟
إن هذا الأمر شديد الصعوبة في جنوب غرب أوروبا. فالمجر أغلقت الطريق، بل وتلقي القبض على أي طالب لجوء يحاول العبور. قد تكون ألبانيا وبلغاريا خياراً محتملاً أمام 13 ألف مهاجر حُوصروا على الحدود اليونانية المقدونية. لكن التضاريس الألبانية - بما فيها الجبال والبراري - تجعل الأمر صعباً، كما تزيد عصابات المافيا المحلية من تلك المعضلة، فهم يضربون المهاجرين ويبتزونهم. أما في بلغاريا، فالحدود تخضع نسبياً لحراسة شديدة، والسلطات هناك تلقي القبض على المهاجرين، فضلاً عن ادعاءات تقول إنهم يتعرضون للضرب إن حاولوا المرور عبر ذلك الطريق.
ومع كل هذا تخشى بعض الجماعات التي تقدم المساعدات من أن إغلاق طريق البلقان سيجبر المهاجرين على محاولة المرور إلى أوروبا عبر الطريق الأكثر خطورة، والمعروف بـ"طريق وسط البحر الأبيض المتوسط" والذي يمر عبر ليبيا، التي تنتشر فيها الفوضى، ليقطع المهاجرون خلاله مساحة كبيرة للغاية من البحر كي يصلوا إلى شواطئ إيطاليا.
وكان هذا الطريق معروفاً في بداية الأزمة الحالية عام 2014. إلا أن آلاف القتلى الذين قضوا في ليبيا فضلاً عن تدهور أوضاعها، قاد المهاجرين إلى أن يستبدلوا هذا الطريق بالطريق الأسهل نسبياً عبر تركيا واليونان والبلقان. لكن هذا الأمر قد يتغير جراء الوضع الراهن.
هذه المادة مترجمة بتصرف عن صحيفة Washinghton post الأميركية.