تعتبر منطقة "العتبة" الواقعة وسط القاهرة المركز التجاري "الشعبي" الأهم على الإطلاق في مصر، بدءاً من بيع وشراء الكتب والمجلات القديمة، في سور الأزبكية، انتهاءً بتجارة الهواتف المحمولة والأجهزة الكهربائية وما بينهما.
المنطقة شهدت فجر الإثنين 9 مايو/أيار 2016، حريقاً كبيراً، استمر لساعات على الرغم من جهود رجال الأطفاء ووجود ما يزيد عن 30 سيارة مطافئ حاولت الحد من انتشار النيران.
![cairo fire]()
أدت الحرائق التي نشبت بالمنطقة إلى تدمير عشرات المحال التجارية ومنازل المواطنين الذين يسكنون المنطقة، إذ تبلغ قيمة الخسائر المبدئية، وفقاً لـ علي شكري، نائب رئيس الغرفة التجارية، حوالي 400 مليون جنيه، وقد تصل في التقديرات النهائية إلى مليار جنيه.
محمود نجم، المحلل الاقتصادي رفض في حديث مع "هافينغتون بوست عربي"، تحديد حجم الاقتصاد القائم في منطقة العتبة، لغياب المعلومات والأرقام الحقيقة، إلا أنه أشار إلى حجم الاقتصاد غير الرسمي الذي تعتبر العتبة أحد أكبر مراكزه يصل إلى 60% من حجم الاقتصاد المصري، وفق التقديرات المتفاوتة.
وأضاف نجم أن وجود مراكز وتجمعات للعتبة ومثيلاتها، باعتبارها من أكبر تجمعات للمنشآت الاقتصادية غير الرسمية، ساهم في تخفيف آثار التضخم على المواطنين، كونها قادرة على توفير تنويعات كبيرة من السلع متفاوتة الجودة والأسعار، ما يخدم الشرائح الاجتماعية الأكثر فقراً، باعتبارهم غير قادرين على الشراء بالأسعار الرسمية، أو شراء المنتجات الكاملة، ما يدفعهم للجوء إلى شراء المنتجات "السايبة" أو "الفرط".
![cairo ataba]()
وتابع أن أوقات الأزمات كالتي تمر بها مصر حالياً، يزيد الانتقال من الرسمي لغير الرسمي، بعمل الموظفين الحكوميين في المنشآت غير الرسمية، ووفقاً لتقارير البطالة، فإن الاقتصاد غير الرسمي ساهم في امتصاص الأزمة، وتخفيف معدلات البطالة التي كانت ستكون المعاناة منها أفدح، لو لم تكن العتبة وغيرها موجودة.
وإجمالاً قدّر المحلل الاقتصاي حجم المنشآت غير الرسمية في مصر بـ 2.2 مليون منشأة من إجمالي 2.4 مليون منشأة تمارس عملها دون سجلات ضريبية أو تجارية، وهو ما يعادل 92% من العدد الإجمالي للمنشآت المصرية، الغالبية العظمى منها تصنف بـ"المنشآت الصغيرة" ويتجاوز عدد العاملين بها 5 ملايين عامل.
![cairo ataba]()
وما بين تجارة الكتب القديمة، وتجارة الهواتف المحمولة، توجد العديد من الأسواق والنشاطات التي يقصدها المصريون في العتبة منها "تجارة الأدوات المنزلية في "حمام التلات"، وتجارة وبيع الأخشاب والأثاث في المناصرة، وصنع الأختام، وسوق للساعات، والنظارات الطبية، والأدوات والآلات الموسيقية، وسوق الشنط والحقائب، والملابس، والنجف" سواء بالجملة أو بالقطاعي.
وتعد العتبة مقصداً للفتيات المقبلات على الزواج لشراء ما قد يحتجنه من أدوات منزلية وملابس وأجهزة كهربائية وغيرها مما يطلق عليه المصريون "الجهاز" وفقاً لما قالته كريمة عبد الغني، ربة منزل .
إذ تضم منافذ بيع لأكبر مستوردي الملابس والأدوات المنزلية والأجهزة الكهربائية والأحذية وغيرها مما تحتاجه العرائس في "جهازهن" بالإضافة إلى الأسعار الأرخص التي تتمتع بها المنطقة.
الميزة التفضيلية التي تتمتع بها العتبة، ترجع لغياب الحلقات الوسيطة بين البائع الذي هو في أغلب الأحيان المستورد، وبين المشتري، وهو ما يعني غياب تكاليف أخرى وهوامش ربح للحلقات الوسيطة، بالإضافة إلى وجود وفرة من المعروضات تختلف في جودتها ومستوى خاماتها وأسعارها.
![cairo ataba]()
وللمنطقة تابع تاريخي يظهر في شكل مبانيها المستوحاة من الطراز المعماري للمباني في باريس، والتي أنشأت في عهد الخديوي إسماعيل بالقرن التاسع عشر.
واستمدت المنطقة اسمها من "قصر العتبة الزرقاء" الذي بناه محمد الدارة الشرايبي بالمنطقة في زمن المماليك وتحديداً العام 1747م، الذي وضع أمامه عتبة زرقاء، قبل أن تنتقل ملكية القصر عدة مرات حتى وصلت إلى الخديو عباس الأول، الذي أزال عتبة القصر الزرقاء، ووضع مكانها أخرى خضراء، ليتحول اسمها إلى "العتبة الخضراء" تفاؤلاً وتبركاً باللون الذي كان يتفاءل به.
الرواية الثانية وفقاً لما ذكرته، جيهان مأمون في كتابها "من سيرة المماليك" تقول إن التسمية جاءت من التطوير والتعمير الذي قام الأمير أزبك قائد الجيوش في عهد السلطان المملوكي قايتباي في الفترة بين "1412- 1496" بمنطقة الأزبكية، حيث أنشأ المباني والحدائق الخضراء لتتحول المنطقة إلى العتبة الخضراء من كثرة بساتينها، وانتقل للسكن إليها الأمراء والشخصيات الكبرى، في ذلك الوقت.
الأهمية التي حظيت بها العتبة قديما تتجلى في كونها تضم المركز الرئيسي للبريد المصري، والمركز الرئيسي والقديم والأهم للإطفاء، وكذلك الأوبرا القديمة، وهي أهمية امتدت حتى الآن، بوجود محطة مترو رئيسية بالإضافة إلى محطة لسيارات الأجرة بين المحافظات المصرية.
كما حضرت العتبة في السينما المصرية عبر واحد من أشهر أفلامها العتبة الخضراء، لـ إسماعيل يس، الذي يحكي قصة قروي ساذج نزل إلى العاصمة، وأقنعه أحد المحتالين بشراء العتبة طمعاً في إيراداتها من البريد والمطافئ، والمصالح المختلفة.
المنطقة شهدت فجر الإثنين 9 مايو/أيار 2016، حريقاً كبيراً، استمر لساعات على الرغم من جهود رجال الأطفاء ووجود ما يزيد عن 30 سيارة مطافئ حاولت الحد من انتشار النيران.

أهمية اقتصادية وخسائر بالملايين
أدت الحرائق التي نشبت بالمنطقة إلى تدمير عشرات المحال التجارية ومنازل المواطنين الذين يسكنون المنطقة، إذ تبلغ قيمة الخسائر المبدئية، وفقاً لـ علي شكري، نائب رئيس الغرفة التجارية، حوالي 400 مليون جنيه، وقد تصل في التقديرات النهائية إلى مليار جنيه.
محمود نجم، المحلل الاقتصادي رفض في حديث مع "هافينغتون بوست عربي"، تحديد حجم الاقتصاد القائم في منطقة العتبة، لغياب المعلومات والأرقام الحقيقة، إلا أنه أشار إلى حجم الاقتصاد غير الرسمي الذي تعتبر العتبة أحد أكبر مراكزه يصل إلى 60% من حجم الاقتصاد المصري، وفق التقديرات المتفاوتة.
وأضاف نجم أن وجود مراكز وتجمعات للعتبة ومثيلاتها، باعتبارها من أكبر تجمعات للمنشآت الاقتصادية غير الرسمية، ساهم في تخفيف آثار التضخم على المواطنين، كونها قادرة على توفير تنويعات كبيرة من السلع متفاوتة الجودة والأسعار، ما يخدم الشرائح الاجتماعية الأكثر فقراً، باعتبارهم غير قادرين على الشراء بالأسعار الرسمية، أو شراء المنتجات الكاملة، ما يدفعهم للجوء إلى شراء المنتجات "السايبة" أو "الفرط".

وتابع أن أوقات الأزمات كالتي تمر بها مصر حالياً، يزيد الانتقال من الرسمي لغير الرسمي، بعمل الموظفين الحكوميين في المنشآت غير الرسمية، ووفقاً لتقارير البطالة، فإن الاقتصاد غير الرسمي ساهم في امتصاص الأزمة، وتخفيف معدلات البطالة التي كانت ستكون المعاناة منها أفدح، لو لم تكن العتبة وغيرها موجودة.
وإجمالاً قدّر المحلل الاقتصاي حجم المنشآت غير الرسمية في مصر بـ 2.2 مليون منشأة من إجمالي 2.4 مليون منشأة تمارس عملها دون سجلات ضريبية أو تجارية، وهو ما يعادل 92% من العدد الإجمالي للمنشآت المصرية، الغالبية العظمى منها تصنف بـ"المنشآت الصغيرة" ويتجاوز عدد العاملين بها 5 ملايين عامل.
سوق العتبة منتجات "من الإبرة للصاروخ"

وما بين تجارة الكتب القديمة، وتجارة الهواتف المحمولة، توجد العديد من الأسواق والنشاطات التي يقصدها المصريون في العتبة منها "تجارة الأدوات المنزلية في "حمام التلات"، وتجارة وبيع الأخشاب والأثاث في المناصرة، وصنع الأختام، وسوق للساعات، والنظارات الطبية، والأدوات والآلات الموسيقية، وسوق الشنط والحقائب، والملابس، والنجف" سواء بالجملة أو بالقطاعي.
وتعد العتبة مقصداً للفتيات المقبلات على الزواج لشراء ما قد يحتجنه من أدوات منزلية وملابس وأجهزة كهربائية وغيرها مما يطلق عليه المصريون "الجهاز" وفقاً لما قالته كريمة عبد الغني، ربة منزل .
إذ تضم منافذ بيع لأكبر مستوردي الملابس والأدوات المنزلية والأجهزة الكهربائية والأحذية وغيرها مما تحتاجه العرائس في "جهازهن" بالإضافة إلى الأسعار الأرخص التي تتمتع بها المنطقة.
الميزة التفضيلية التي تتمتع بها العتبة، ترجع لغياب الحلقات الوسيطة بين البائع الذي هو في أغلب الأحيان المستورد، وبين المشتري، وهو ما يعني غياب تكاليف أخرى وهوامش ربح للحلقات الوسيطة، بالإضافة إلى وجود وفرة من المعروضات تختلف في جودتها ومستوى خاماتها وأسعارها.

العتبة منطقة تاريخية
وللمنطقة تابع تاريخي يظهر في شكل مبانيها المستوحاة من الطراز المعماري للمباني في باريس، والتي أنشأت في عهد الخديوي إسماعيل بالقرن التاسع عشر.
واستمدت المنطقة اسمها من "قصر العتبة الزرقاء" الذي بناه محمد الدارة الشرايبي بالمنطقة في زمن المماليك وتحديداً العام 1747م، الذي وضع أمامه عتبة زرقاء، قبل أن تنتقل ملكية القصر عدة مرات حتى وصلت إلى الخديو عباس الأول، الذي أزال عتبة القصر الزرقاء، ووضع مكانها أخرى خضراء، ليتحول اسمها إلى "العتبة الخضراء" تفاؤلاً وتبركاً باللون الذي كان يتفاءل به.
الرواية الثانية وفقاً لما ذكرته، جيهان مأمون في كتابها "من سيرة المماليك" تقول إن التسمية جاءت من التطوير والتعمير الذي قام الأمير أزبك قائد الجيوش في عهد السلطان المملوكي قايتباي في الفترة بين "1412- 1496" بمنطقة الأزبكية، حيث أنشأ المباني والحدائق الخضراء لتتحول المنطقة إلى العتبة الخضراء من كثرة بساتينها، وانتقل للسكن إليها الأمراء والشخصيات الكبرى، في ذلك الوقت.
الأهمية التي حظيت بها العتبة قديما تتجلى في كونها تضم المركز الرئيسي للبريد المصري، والمركز الرئيسي والقديم والأهم للإطفاء، وكذلك الأوبرا القديمة، وهي أهمية امتدت حتى الآن، بوجود محطة مترو رئيسية بالإضافة إلى محطة لسيارات الأجرة بين المحافظات المصرية.
كما حضرت العتبة في السينما المصرية عبر واحد من أشهر أفلامها العتبة الخضراء، لـ إسماعيل يس، الذي يحكي قصة قروي ساذج نزل إلى العاصمة، وأقنعه أحد المحتالين بشراء العتبة طمعاً في إيراداتها من البريد والمطافئ، والمصالح المختلفة.