لا يكون عادلاً في نظرته للأمور إلا من كان عاقلاً، وكما أن الاجتزائية يخدمها اثنان: كسول، ومتخصص، فكذلك الفهم على حد تعبير جبران "الفهيم ينسبني إلى الفهم والبليد ينسبني إلى البلادة". فالكسل العلمي مربض الغلاة المتفرجين على سواد شعر الأمل، والمتخصص في بابٍ جاهل في أبوابٍ أخرى، إلا أنه لا يفتأ ينعق إلا وعاود كرة بعد كرة، وهكذا باستمرار، فهذا الناعق وصاحبه الكسول مؤهلان لأن يُنسبا إلى بلادتهما إذا ما خالفت فهم تلكم البلادة المكتنزة في أعماقهم، أما المتيقظ الفطن الذي يغرق في أوراق العلوم باحثاً ومنقباً دون أن يقتصر على تخصص، ستجده أكثر رحابة صدر وأكثر مفهومية ووثوقية، واحتراماً لرأيك بالإزاء.
إن المخالف؛ مخالف في نظر الغير، وهو عند نفسه موافق، والموافق موافق عند نفسه، وهو في نظر الغير مخالف، ولا غضاضة في ذلك إذا ما اتسع العطن الذي تضيق به أمتنا، ولا إشكال في تباين الرؤى واختلاف مواضع النظر، فإن كانت العقيدة عند بعض الطوائف محكًّا فهي ليست أكثر من عقد نفسية، إذا ما وقفنا عند حديث البطاقة. فرؤية الله مثلاً في الآخرة عند أهل السنة تعتبر عقيدة، وهي في الأصل ليست كذلك، فأهل السنة ابتداءً هم الوحيدون الذين يقولون بها بخلاف جميع الطوائف، كما أنها نظرة اجتهادية مستقاة من أحاديث صححها بعض العلماء وضعفها بعضهم، وكذلك مستقاة من تفسير القرآن في مثل قوله تعالى "للذين أحسنوا الحسنى وزيادة" فسّر كلمة "زيادة" بعض العلماء برؤية الله سبحانه، وكل ذلك محض تأويلات قد تصيب وقد تخطئ.
"إن الكفر ليضحك من إسلامنا" محمد إقبال، فإسلامنا الشريد الطريد في شوارع العالم، لم يجد له متكأ بين أبنائه، بقدر ما وجد التناطح المستمر المر حيال مسائل ثانوية أناخ بها الفراغ إلى الفراغ، فكانت بعد ذلك مصدراً لملء الفراغ، فبدل أن يكون للمسلم دور في البناء، ووضع لبنة خالدة في زاوية من زوايا الإسلام، كان معولَ هدم لتلك اللبنة التي وضعها محمد -صلوات ربي وسلامه عليه- فهو فراغ إذ لم يجد سوى الأفيون الديني؛ لفراغ عقله وهمه وهمته، ونظراً لأن أوعية أمتنا الحضارية فارغة من الحضارة، سرى هذا السم الزؤام في فراغ أوعيتها، حتى صار أوعيتها بعد ذلك، فأضحت لا تتنفس إلا سُمًّا، ولا تتقيأ إلا سُمًّا.
المخالف لم يخالف الله ولا رسوله، إنما خالفك أنت، خالف طريقتك، خالف فهمك، خالف منظورك الذي ترى منه ما يوافقك وما ينافيك، فلا فضل لطائفة على أخرى حيال اجتذاب الحقيقة من جذورها، ولا مثلبة لعالم ابتغى الحق فأخطأ، إذ كيف نقول عنه مبتدعاً ضالاً، وهو في الحقيقة متأول مجتهد، وكيف نقول عن الآخر عالماً نحريراً وهو في واقع الحال مجتهد متأول. إذا ما صحت الثانية فيجب أن لا تصح الأولى، فكلتاهما خطأ، لا يؤخذ بهما عند كلتا الطائفتين. ويجب أن تبحث كل طائفة عن الوفاق المطلق حتى يستسيغ العقل قراره، وذلك من باب فرض المحال ليس بمحال؛ ولن تجد؛ لأن الوفاق المطلق محال. ولذا وجب أن يتخفف الجميع من الأوهاق ومن قرض أديم العلماء والنبهاء.
إن المخالف؛ مخالف في نظر الغير، وهو عند نفسه موافق، والموافق موافق عند نفسه، وهو في نظر الغير مخالف، ولا غضاضة في ذلك إذا ما اتسع العطن الذي تضيق به أمتنا، ولا إشكال في تباين الرؤى واختلاف مواضع النظر، فإن كانت العقيدة عند بعض الطوائف محكًّا فهي ليست أكثر من عقد نفسية، إذا ما وقفنا عند حديث البطاقة. فرؤية الله مثلاً في الآخرة عند أهل السنة تعتبر عقيدة، وهي في الأصل ليست كذلك، فأهل السنة ابتداءً هم الوحيدون الذين يقولون بها بخلاف جميع الطوائف، كما أنها نظرة اجتهادية مستقاة من أحاديث صححها بعض العلماء وضعفها بعضهم، وكذلك مستقاة من تفسير القرآن في مثل قوله تعالى "للذين أحسنوا الحسنى وزيادة" فسّر كلمة "زيادة" بعض العلماء برؤية الله سبحانه، وكل ذلك محض تأويلات قد تصيب وقد تخطئ.
"إن الكفر ليضحك من إسلامنا" محمد إقبال، فإسلامنا الشريد الطريد في شوارع العالم، لم يجد له متكأ بين أبنائه، بقدر ما وجد التناطح المستمر المر حيال مسائل ثانوية أناخ بها الفراغ إلى الفراغ، فكانت بعد ذلك مصدراً لملء الفراغ، فبدل أن يكون للمسلم دور في البناء، ووضع لبنة خالدة في زاوية من زوايا الإسلام، كان معولَ هدم لتلك اللبنة التي وضعها محمد -صلوات ربي وسلامه عليه- فهو فراغ إذ لم يجد سوى الأفيون الديني؛ لفراغ عقله وهمه وهمته، ونظراً لأن أوعية أمتنا الحضارية فارغة من الحضارة، سرى هذا السم الزؤام في فراغ أوعيتها، حتى صار أوعيتها بعد ذلك، فأضحت لا تتنفس إلا سُمًّا، ولا تتقيأ إلا سُمًّا.
المخالف لم يخالف الله ولا رسوله، إنما خالفك أنت، خالف طريقتك، خالف فهمك، خالف منظورك الذي ترى منه ما يوافقك وما ينافيك، فلا فضل لطائفة على أخرى حيال اجتذاب الحقيقة من جذورها، ولا مثلبة لعالم ابتغى الحق فأخطأ، إذ كيف نقول عنه مبتدعاً ضالاً، وهو في الحقيقة متأول مجتهد، وكيف نقول عن الآخر عالماً نحريراً وهو في واقع الحال مجتهد متأول. إذا ما صحت الثانية فيجب أن لا تصح الأولى، فكلتاهما خطأ، لا يؤخذ بهما عند كلتا الطائفتين. ويجب أن تبحث كل طائفة عن الوفاق المطلق حتى يستسيغ العقل قراره، وذلك من باب فرض المحال ليس بمحال؛ ولن تجد؛ لأن الوفاق المطلق محال. ولذا وجب أن يتخفف الجميع من الأوهاق ومن قرض أديم العلماء والنبهاء.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.