عادت صورة كانت قد غابت عن مشهد الحجيج ما يقرب من عشر سنوات، ففي أول أيام العيد لقي ما يقرب من ثمانمائة حاج مصرعه، وأصيب مثلهم، بسبب التدافع في رمي الجمرات، وهي حادثة تعيد للأذهان ما كان يحدث من قبل في الحجيج، وما كانت تكتبه الصحف العالمية في هذا اليوم من كل عام، تحت عناوين: مقتلة المسلمين، انتحار المسلمين الجماعي في الحج، إلى آخر هذه العناوين التي كانت تبرز في مثل هذه الأيام من كل عام، وقد كانت مسؤولية هذه الحوادث تقع فيما مضى بكل وضوح على الدولة المنظمة للحج (السعودية) وعلى المشايخ الذين يشددون على الناس في الفتاوى، ثم عالجت المملكة العربية السعودية خطأها في ذلك فقامت بجهد مشكور، بتوسيع أماكن الرمي، وجعله من ثلاث طوابق، مما سهل على الناس الرمي دون زحام يؤدي للموت. ثم قام مشايخ السعودية بالكف عن النهي عن الرمي قبل الزوال (أي زوال الشمس)، تيسيرا على الناس، بعد أن كانت الميكرفونات تعلن في كل مكان: من رمى قبل الزوال فرميه باطل، مما يوقع الناس في حرج شديد، ومعظم الحجيج ليسوا من أهل العلم الشرعي ليعلم الصواب من الخطأ فيما يقوله من يتكلم في الميكرفون، وبخاصة أن من يحملونها ويتكلمون مشايخ، يرتدون زي المشايخ، انتهت ظاهرة الميكرفونات التي تنهى الناس، وأصبحت فتاوى الناس التي تمنع وتحرم، تسكت، بل وتجيز للناس الرمي في أي وقت يناسبهم، أو على الأقل تذكر خلاف الفقهاء في ذلك وتترك لكل إنسان حرية الاختيار، وهو تطور محمود في المملكة العربية السعودية، سواء على المستوى التنظيمي أو المستوى الديني.
ثم فوجئنا في أول أيام العيد هذا العام بعودة هذه الظاهرة مرة أخرى، وبعدد كبير مفجع، فعلى من تقع مسؤولية هذا الحادث هذه المرة، وما العلاج؟ إن المسؤولية في تقديري تقع على جهات ثلاث، الدولة المنظمة للحج (السعودية)، والدولة الراعية للحاج بلد الحاج الأصلي، والمشايخ في كلا البلدين البلد المنظم والمرسل.
أما العلاج في تقديري المتواضع لهذه الظاهرة، فيتمثل في عدة أمور، بحسب مسؤولية كل جهة، فعلى الدولة المنظمة (السعودية) أن تقوم بتقدير قدراتها على تنظيم الحج، وكم تستطيع من العدد، ثم تضع العدد المناسب لقدراتها من حيث التنظيم والإدارة، وهو ما تحاوله منذ فترة من حيث تقليل عدد الحجيج من الداخل، لكن تقليل حجيج الداخل حل جزءا من المشكلة، ويبقى العبء الأكبر في حجيج الخارج كذلك.
والأمر الآخر الذي نقترحه للتنظيم هنا: هو أن تخطط بحسب مساحة المكان، والعدد القادم، فتقسم ساعات اليوم للرمي، وذلك بتقسيمه بنظام الساعات، فتخصص مثلا (18) ساعة عن طريق المطوفين (الشركات التي تنظم الحجيج)، لكل مجموعة من الدول ساعة محددة، أو ساعتين، سواء بنظام القارات أو الدول، ثم تجعل الست ساعات الباقية من اليوم لمن لم يتمكن من الرمي خلال ساعاته المخصصة له.
أما دولة الحاج الأصلية، فعليها واجب مهم هنا، وهي: توعية الحجيج قبل سفره، وإعطائه دورة عملية في الحج، وقد قامت بهذا دولة ماليزيا، فلا يسمح لفرد بالحج قبل تجاوزه دورة عملية، بعد شرح مفصل له لعملية الحج، حتى لا يذهب للحح ويرتكب أخطاء تفسد حجه، أو تضره وتضر الآخرين صحيا. لكن للأسف كثير من الدول الحج فيها عملية تجارية بحتة، بل وصل في بعض الدول إلى أن تتحول تأشيرة الحج لرشوة كما هو معروف في مصر مثلا، وتحولت الحج شركات الحج إلى مصدر ربح لمشروع سياحي استثماري، لا صلة له بالعبادة عندهم، لا بالأجر، ولا بفريضة هي عند المسلم فريضة العمر.
أما الدور الأكبر هنا فعلى المشايخ الذين نلاحظ أن معظم المشايخ المتواجدين مع الحجيج ليسوا من الفقهاء المتمكنين في فقه الحج بتيسيره، فالحج في زماننا ليس كأي نوع من الفقه، بعد هذه الأحداث الجسام، أصبح يحتاج لفقيه من نوع خاص، يجمع فيه بين فقه النص، وفقه الواقع، الذي يبحث عما تصح به عبادة المسلم، وسلامة بدنه وصحته، وسلامة الآخرين.
فمعظم مشايخ هذه الحملات، يختارون في كثير من البلدان العربية بنظام (الواسطة)، وعن طريق موافقات الجهات الأمنية، وتعتبر هي الأهم حتى لو كان أجهل من دابة في فقه الحج، بل في كثير من الأحيان يكون المسؤول عن الحملة والبعثة، أحد العسكريين، وكلمته هي النافذة على الشيخ وعلى البعثة بأكملها.
إن الدور الأكبر هنا للمشايخ في إفهام الناس، فقه الحج، وبناء هذا الفقه على التيسير، الذي ما سئل فيه صلى الله عليه وسلم إلا وقال: افعل ولا حرج، وأن مسألة الرمي التي يتقاتل عليها الناس، هي مسألة لا يبطل الحج بدونها، وأن الشرع يوسع على الناس فيها، فعند التأمل في هذه القضية فقهيا، نجد أن مساحة الرمي ثابتة، ومحدودة، والمدة الزمنية على مذهب المتشددين من بعد زوال الشمس، إذن ضيقوها هي أيضا، والعدد يتضاعف ويزداد، فما الحل هنا؟ إن الحل في توسعة المكان، وتوسعة الزمان، وهو أمر لم يضيقه الشرع، فيرمي الناس وقتما تيسر لهم في أي ساعة من اليوم، وهو قول عدد من العلماء الفقهاء الكبار قديما وحديثا، لقد ثارت معركة بين علامة قطر الشيخ عبد الله بن زيد آل محمود منذ خمسين عاما، عندما أجاز الرمي في كل وقت، وثار عليه علماء السعودية، ولم يكن وقتها زحام كما نرى اليوم.
ويستطيع المشايخ إفتاء الناس فيمن لا يقدر على الرمي بالتوكيل عنه للرمي، وكذلك نستطيع عند هذا الزحام الشديد أن يأخذ البعض برأي الإمام الجويني الشافعي الذي يرى جواز جمع الرمي لثلاثة أيام في يوم واحد، والجويني من كبار فقهاء الشافعية، ومن كبار علماء الكلام، ومن كبار علماء الفقه السياسي الإسلامي، فهو عالم فقيه له وزنه وثقله بين فقهاء الإسلام، كل هذه حلول يمتكلها المشايخ، بتعليمها للناس، وتعليمهم أن الأجر ليس شرطا على قدر المشقة، وأنه لا ارتباط بين المشقة والتعب بالعنف في أداء العبادة، وهو ما نراه من شدة بعض الجنسيات في دخولهم للرمي جماعات ويدفعون من بجوارهم وأمامهم، هذه مسؤولية المشايخ والعلماء. هذه بعض مقترحات للحلول، وتأمل في المسألة.
ثم فوجئنا في أول أيام العيد هذا العام بعودة هذه الظاهرة مرة أخرى، وبعدد كبير مفجع، فعلى من تقع مسؤولية هذا الحادث هذه المرة، وما العلاج؟ إن المسؤولية في تقديري تقع على جهات ثلاث، الدولة المنظمة للحج (السعودية)، والدولة الراعية للحاج بلد الحاج الأصلي، والمشايخ في كلا البلدين البلد المنظم والمرسل.
أما العلاج في تقديري المتواضع لهذه الظاهرة، فيتمثل في عدة أمور، بحسب مسؤولية كل جهة، فعلى الدولة المنظمة (السعودية) أن تقوم بتقدير قدراتها على تنظيم الحج، وكم تستطيع من العدد، ثم تضع العدد المناسب لقدراتها من حيث التنظيم والإدارة، وهو ما تحاوله منذ فترة من حيث تقليل عدد الحجيج من الداخل، لكن تقليل حجيج الداخل حل جزءا من المشكلة، ويبقى العبء الأكبر في حجيج الخارج كذلك.
والأمر الآخر الذي نقترحه للتنظيم هنا: هو أن تخطط بحسب مساحة المكان، والعدد القادم، فتقسم ساعات اليوم للرمي، وذلك بتقسيمه بنظام الساعات، فتخصص مثلا (18) ساعة عن طريق المطوفين (الشركات التي تنظم الحجيج)، لكل مجموعة من الدول ساعة محددة، أو ساعتين، سواء بنظام القارات أو الدول، ثم تجعل الست ساعات الباقية من اليوم لمن لم يتمكن من الرمي خلال ساعاته المخصصة له.
أما دولة الحاج الأصلية، فعليها واجب مهم هنا، وهي: توعية الحجيج قبل سفره، وإعطائه دورة عملية في الحج، وقد قامت بهذا دولة ماليزيا، فلا يسمح لفرد بالحج قبل تجاوزه دورة عملية، بعد شرح مفصل له لعملية الحج، حتى لا يذهب للحح ويرتكب أخطاء تفسد حجه، أو تضره وتضر الآخرين صحيا. لكن للأسف كثير من الدول الحج فيها عملية تجارية بحتة، بل وصل في بعض الدول إلى أن تتحول تأشيرة الحج لرشوة كما هو معروف في مصر مثلا، وتحولت الحج شركات الحج إلى مصدر ربح لمشروع سياحي استثماري، لا صلة له بالعبادة عندهم، لا بالأجر، ولا بفريضة هي عند المسلم فريضة العمر.
أما الدور الأكبر هنا فعلى المشايخ الذين نلاحظ أن معظم المشايخ المتواجدين مع الحجيج ليسوا من الفقهاء المتمكنين في فقه الحج بتيسيره، فالحج في زماننا ليس كأي نوع من الفقه، بعد هذه الأحداث الجسام، أصبح يحتاج لفقيه من نوع خاص، يجمع فيه بين فقه النص، وفقه الواقع، الذي يبحث عما تصح به عبادة المسلم، وسلامة بدنه وصحته، وسلامة الآخرين.
فمعظم مشايخ هذه الحملات، يختارون في كثير من البلدان العربية بنظام (الواسطة)، وعن طريق موافقات الجهات الأمنية، وتعتبر هي الأهم حتى لو كان أجهل من دابة في فقه الحج، بل في كثير من الأحيان يكون المسؤول عن الحملة والبعثة، أحد العسكريين، وكلمته هي النافذة على الشيخ وعلى البعثة بأكملها.
إن الدور الأكبر هنا للمشايخ في إفهام الناس، فقه الحج، وبناء هذا الفقه على التيسير، الذي ما سئل فيه صلى الله عليه وسلم إلا وقال: افعل ولا حرج، وأن مسألة الرمي التي يتقاتل عليها الناس، هي مسألة لا يبطل الحج بدونها، وأن الشرع يوسع على الناس فيها، فعند التأمل في هذه القضية فقهيا، نجد أن مساحة الرمي ثابتة، ومحدودة، والمدة الزمنية على مذهب المتشددين من بعد زوال الشمس، إذن ضيقوها هي أيضا، والعدد يتضاعف ويزداد، فما الحل هنا؟ إن الحل في توسعة المكان، وتوسعة الزمان، وهو أمر لم يضيقه الشرع، فيرمي الناس وقتما تيسر لهم في أي ساعة من اليوم، وهو قول عدد من العلماء الفقهاء الكبار قديما وحديثا، لقد ثارت معركة بين علامة قطر الشيخ عبد الله بن زيد آل محمود منذ خمسين عاما، عندما أجاز الرمي في كل وقت، وثار عليه علماء السعودية، ولم يكن وقتها زحام كما نرى اليوم.
ويستطيع المشايخ إفتاء الناس فيمن لا يقدر على الرمي بالتوكيل عنه للرمي، وكذلك نستطيع عند هذا الزحام الشديد أن يأخذ البعض برأي الإمام الجويني الشافعي الذي يرى جواز جمع الرمي لثلاثة أيام في يوم واحد، والجويني من كبار فقهاء الشافعية، ومن كبار علماء الكلام، ومن كبار علماء الفقه السياسي الإسلامي، فهو عالم فقيه له وزنه وثقله بين فقهاء الإسلام، كل هذه حلول يمتكلها المشايخ، بتعليمها للناس، وتعليمهم أن الأجر ليس شرطا على قدر المشقة، وأنه لا ارتباط بين المشقة والتعب بالعنف في أداء العبادة، وهو ما نراه من شدة بعض الجنسيات في دخولهم للرمي جماعات ويدفعون من بجوارهم وأمامهم، هذه مسؤولية المشايخ والعلماء. هذه بعض مقترحات للحلول، وتأمل في المسألة.