بعد 5 أعوام ونصف العام من الشقاء والمعاناة، يرى العاملون بصناعة السياحة في مصر بصيصاً من الأمل.
اختارت منظمة السياحة العالمية للأمم المتحدة في 11 مايو/أيار مدينة الأقصر لاستضافة حدثين رئيسيين لها في وقت لاحق من هذا العام، بما يجتذب 400 إلى 600 شخص ويلفت الانتباه إلى هذه المدينة الأثرية الواقعة على ضفاف النيل. فقد منحت المنظمة مصر فرصة لإقامة بعض العلاقات العامة الإيجابية اللازمة، وفق تقرير نشرته صحيفة نيويورك تايمز الأميركية، الإثنين 23 مايو/أيار 2016.
المنظمة أكدت، أمس الاثنين، أن الأقصر ستستضيف الاجتماعات في الفترة من 30 أكتوبر/تشرين الأول إلى 3 نوفمبر/تشرين الثاني.
وسرعان ما ادعى مسؤولو السياحة المصرية قبيل حادث الطائرة أن مصر أصبحت "عاصمة السياحة العالمية عام 2016" (رغم أن ذلك ليس لقباً رسمياً لدى منظومة الأمم المتحدة) ووضعت الخطط لشغل غرف الفنادق الخاوية وحشد الآثار الفرعونية وإقناع الشعوب بأمان وسلامة السفر إلى مصر.
وفي لحظة واحدة تحول تخطيط الحدث إلى إدارة أزمة بعدما سقطت طائرة مصر للطيران في البحر المتوسط يوم الخميس الماضي، ولقي كل ركابها البالغ عددهم 66 شخصاً مصرعهم.
إنه موقف وجدت مصر نفسها فيه، ربما أكثر من أي دولة أخرى خلال السنوات الأخيرة - مراراً وتكراراً - حيث أصابتها الصدمة جراء أزمة أخرى تعصف بقطاع السياحة الحيوي لديها.
ولأسباب عديدة، أصبح العالم أكثر خطورة. أدرك الناس في المقاصد السياحية – من باريس وإسطنبول إلى البرازيل وجزيرة بوكيت بتايلاندا – أن حظوظهم قد تتعثر خلال لحظة واحدة نتيجة أي كارثة طبيعية أو أخرى من صنع الإنسان.
ويدرس زعماء الصناعة حالياً، وأكثر من أي وقت مضى، إدارة الأزمات والاتصالات من أجل التعامل مع أي هجمة إرهابية أو تفشي أي مرض أو وقوع زلزال. وتعزز الحكومات ورجال الأعمال قدراتهم بهدف زيادة التدابير الأمنية ويضعون المقاصد السياحية استراتيجيات تسويقية لإقناع السياح بالعودة، باستخدام نفس وسائل الشبكات الاجتماعية التي بالغت في أخبار الأزمة في المقام الأول.
ويتم أيضاً استخدام بعض التوجهات البارزة، بما في ذلك التوعية العامة بأن التهديدات والمخاطر والأزمات "عالمية، حيث لا يوجد مكان آمن تماماً ويمكن أن تحدث تلك الأمور في أي زمان ومكان"، بحسب ما ذكره البروفيسور دميتريوس بوهاليس، مدير إدارة السياحة بجامعة بورنيموث بإنكلترا.
وعلاوة على ذلك، ذكر أن "هناك عنصر التضامن الذي يظهر جلياً، بمعنى أنه في حالة معاناة مكان ما لسبب ما، يتعين أن نوفر له الدعم".
أوضحت دراسة حديثة صادرة عن مجلس السياحة العالمي أن بعض المقاصد تستطيع التعافي سريعاً في أعقاب أي أزمة. فالأماكن التي تعرضت لهجوم إرهابي شهدت تصاعداً في حجم السياحة إلى معدلات ما قبل الأزمة خلال 13 شهراً، بينما استغرقت المناطق المنكوبة بالكوارث البيئية أو الاضطرابات السياسية نحو 24 إلى 27 شهراً على التوالي حتى تمكنت من التعافي.
ووجدت الدراسة أن أعداد السياح الوافدين إلى إسبانيا في أعقاب تفجيرات محطة قطارات مدريد عام 2004 قد عادت إلى سابق عهدها خلال أسابيع، ولم يحدث تأثير ملحوظ على أعداد الوافدين إلى المملكة المتحدة على الإطلاق جراء تفجيرات محطة قطارات لندن عام 2005. ووجدت الدراسة التي تناولت 38 حادثاً فيما بين عامي 2001 و2014 ولم تتضمن أحداث 11 سبتمبر/أيلول أن حركة السياحة في تايلاندا قد استغرقت 14 شهراً للتعافي في أعقاب التسونامي.
وذكر زيانج روبرت لي، أستاذ تسويق السياحة بجامعة تمبل بفيلادلفيا، أن "ما تم رصده بصورة متكررة هو أن السياحة ليست صناعة هشة فحسب، بل مرنة أيضاً".
وأشار البروفيسور بوهاليس إلى أن مشكلة مصر تتمثل في "أن لديها الكثير من المشكلات".
لا يحقق قطاع السياحة في مصر بالفعل معدلاته السابقة خلال عام 2010، حينما وصلت أعداد الزيارات السريعة إلى 14.1 مليون زيارة، وفقاً للبيانات الصادرة عن منظمة السياحة العالمية للأمم المتحدة.
فقد تراجعت السياحة بعد اندلاع ثورة 2011 التي أطاحت بالديكتاتور الذي حكم مصر على مدار 30 عاماً. وشهد القطاع بشائر التعافي عامي 2012 و2014، إلا أن اندلاع ثورة جديدة عام 2013 لتنصيب حكومة استبدادية وانفجار الطائرة الروسية في أجواء سيناء عام 2015 قضى على أي مكاسب تم تحقيقها خلال تلك السنوات.
وفي العام الماضي – الذي وقعت خلاله مأساة السياح المكسيكيين الثمانية الذين قصفتهم قوات الأمن المصرية في الصحراء خلال سبتمبر/أيلول – تراجعت أعداد الزيارات السياحية السريعة إلى 9.1 مليون زيارة.
ونظراً لتعرض مصر للمشكلات، صوتت الدول الأعضاء بالمجلس التنفيذي لمنظمة السياحة العالمية للأمم المتحدة لصالح انعقاد اجتماعات نهاية العام في الأقصر.
وذكر الأمين العام للمجلس، طالب رفاعي، خلال حوار صحفي معه قبيل عملية التصويت: "الجميع يعلم أهمية مصر ويريد إبداء تضامنه معها".
وأدى حادث سقوط طائرة مصر للطيران في 19 مايو/أيار القادمة من باريس للقاهرة إلى تساءل البعض عما إذا كانت هناك مؤامرة تحاك ضد مصر، خاصة بعدما احتلت "مصر للطيران" عناوين الصحف خلال شهر مارس/آذار، حينما قام شخص يزعم ارتداء حزام ناسف باختطاف إحدى رحلاتها الجوية المحلية إلى قبرص. ولم تقع أي إصابات.
وتساءل محمد عثمان، رئيس اتحاد شركات السياحة في الأقصر: "يقع حادث في مصر كل شهرين. لماذا؟". وأضاف: "إننا نستعد لصدمات كهذه ونغامر بحياتنا. ولن نستسلم مطلقاً. نعرف أن مصر لن تموت أبداً".
وقبيل سقوط الطائرة بنحو أسبوع، كان عثمان يعمل مع محافظ الأقصر محمد بدر لوضع خطط استضافة اجتماعات الأمم المتحدة، بما في ذلك عرض أوبرا "عايدة" لفيردي.
استعرض محافظ الأقصر محمد بدر خلال لقاء في مكتبه خطط فتح الآثار ليلاً في الضفة الغربية لنهر النيل، مثل معبد حتشبسوت ووادي الملوك، وتحدث عن حلمه في إقامة قطار هوائي عبر النهر. ولكنه كان يعلم أن التحدي الأكبر يتمثل في إقناع الأجانب بالأمان الذي تتمتع به مصر والأقصر. ولتحقيق تلك الغاية، استعرض شاشتين كبيرتين تتلقيان بيانات مباشرة من خلال شبكة الكاميرات الأمنية المنتشرة في أنحاء المدينة.
وذكر: "ما نواجهه هو تغيير المفهوم لدى العالم الخارجي".
يذكر مسؤولو السياحة في مصر أنهم يتخذون الخطوات اللازمة لزيادة حجم التأمين في أماكن كالمطارات والمواقع التاريخية ويصرون على أن مصر تتمتع بالأمان.
وذكرت ساندرا كارفاو، مديرة الاتصالات بمنظمة السياحة العالمية: "أعتقد أن حقيقة لقائنا هناك يكشف أن لدينا الثقة بالدولة بصفة عامة".
وأشارت إلى أنه من المهم رغم الركود السياحي المطول أن نعترف بالزيادات السنوية في أعداد الزوار الوافدين إلى مصر عامي 2012 و2014.
وأضافت "حينما تنظر للأمر، تجد أن هناك إمكانية قوية نسبياً للتعافي الفعلي، حتى حينما يكون الموقف معقداً".
اختارت منظمة السياحة العالمية للأمم المتحدة في 11 مايو/أيار مدينة الأقصر لاستضافة حدثين رئيسيين لها في وقت لاحق من هذا العام، بما يجتذب 400 إلى 600 شخص ويلفت الانتباه إلى هذه المدينة الأثرية الواقعة على ضفاف النيل. فقد منحت المنظمة مصر فرصة لإقامة بعض العلاقات العامة الإيجابية اللازمة، وفق تقرير نشرته صحيفة نيويورك تايمز الأميركية، الإثنين 23 مايو/أيار 2016.
المنظمة أكدت، أمس الاثنين، أن الأقصر ستستضيف الاجتماعات في الفترة من 30 أكتوبر/تشرين الأول إلى 3 نوفمبر/تشرين الثاني.
وسرعان ما ادعى مسؤولو السياحة المصرية قبيل حادث الطائرة أن مصر أصبحت "عاصمة السياحة العالمية عام 2016" (رغم أن ذلك ليس لقباً رسمياً لدى منظومة الأمم المتحدة) ووضعت الخطط لشغل غرف الفنادق الخاوية وحشد الآثار الفرعونية وإقناع الشعوب بأمان وسلامة السفر إلى مصر.
وفي لحظة واحدة تحول تخطيط الحدث إلى إدارة أزمة بعدما سقطت طائرة مصر للطيران في البحر المتوسط يوم الخميس الماضي، ولقي كل ركابها البالغ عددهم 66 شخصاً مصرعهم.
أزمة تعصف بالسياحة
إنه موقف وجدت مصر نفسها فيه، ربما أكثر من أي دولة أخرى خلال السنوات الأخيرة - مراراً وتكراراً - حيث أصابتها الصدمة جراء أزمة أخرى تعصف بقطاع السياحة الحيوي لديها.
ولأسباب عديدة، أصبح العالم أكثر خطورة. أدرك الناس في المقاصد السياحية – من باريس وإسطنبول إلى البرازيل وجزيرة بوكيت بتايلاندا – أن حظوظهم قد تتعثر خلال لحظة واحدة نتيجة أي كارثة طبيعية أو أخرى من صنع الإنسان.
ويدرس زعماء الصناعة حالياً، وأكثر من أي وقت مضى، إدارة الأزمات والاتصالات من أجل التعامل مع أي هجمة إرهابية أو تفشي أي مرض أو وقوع زلزال. وتعزز الحكومات ورجال الأعمال قدراتهم بهدف زيادة التدابير الأمنية ويضعون المقاصد السياحية استراتيجيات تسويقية لإقناع السياح بالعودة، باستخدام نفس وسائل الشبكات الاجتماعية التي بالغت في أخبار الأزمة في المقام الأول.
ويتم أيضاً استخدام بعض التوجهات البارزة، بما في ذلك التوعية العامة بأن التهديدات والمخاطر والأزمات "عالمية، حيث لا يوجد مكان آمن تماماً ويمكن أن تحدث تلك الأمور في أي زمان ومكان"، بحسب ما ذكره البروفيسور دميتريوس بوهاليس، مدير إدارة السياحة بجامعة بورنيموث بإنكلترا.
وعلاوة على ذلك، ذكر أن "هناك عنصر التضامن الذي يظهر جلياً، بمعنى أنه في حالة معاناة مكان ما لسبب ما، يتعين أن نوفر له الدعم".
السياحة صناعة مرنة
أوضحت دراسة حديثة صادرة عن مجلس السياحة العالمي أن بعض المقاصد تستطيع التعافي سريعاً في أعقاب أي أزمة. فالأماكن التي تعرضت لهجوم إرهابي شهدت تصاعداً في حجم السياحة إلى معدلات ما قبل الأزمة خلال 13 شهراً، بينما استغرقت المناطق المنكوبة بالكوارث البيئية أو الاضطرابات السياسية نحو 24 إلى 27 شهراً على التوالي حتى تمكنت من التعافي.
ووجدت الدراسة أن أعداد السياح الوافدين إلى إسبانيا في أعقاب تفجيرات محطة قطارات مدريد عام 2004 قد عادت إلى سابق عهدها خلال أسابيع، ولم يحدث تأثير ملحوظ على أعداد الوافدين إلى المملكة المتحدة على الإطلاق جراء تفجيرات محطة قطارات لندن عام 2005. ووجدت الدراسة التي تناولت 38 حادثاً فيما بين عامي 2001 و2014 ولم تتضمن أحداث 11 سبتمبر/أيلول أن حركة السياحة في تايلاندا قد استغرقت 14 شهراً للتعافي في أعقاب التسونامي.
وذكر زيانج روبرت لي، أستاذ تسويق السياحة بجامعة تمبل بفيلادلفيا، أن "ما تم رصده بصورة متكررة هو أن السياحة ليست صناعة هشة فحسب، بل مرنة أيضاً".
وأشار البروفيسور بوهاليس إلى أن مشكلة مصر تتمثل في "أن لديها الكثير من المشكلات".
لا يحقق قطاع السياحة في مصر بالفعل معدلاته السابقة خلال عام 2010، حينما وصلت أعداد الزيارات السريعة إلى 14.1 مليون زيارة، وفقاً للبيانات الصادرة عن منظمة السياحة العالمية للأمم المتحدة.
فقد تراجعت السياحة بعد اندلاع ثورة 2011 التي أطاحت بالديكتاتور الذي حكم مصر على مدار 30 عاماً. وشهد القطاع بشائر التعافي عامي 2012 و2014، إلا أن اندلاع ثورة جديدة عام 2013 لتنصيب حكومة استبدادية وانفجار الطائرة الروسية في أجواء سيناء عام 2015 قضى على أي مكاسب تم تحقيقها خلال تلك السنوات.
وفي العام الماضي – الذي وقعت خلاله مأساة السياح المكسيكيين الثمانية الذين قصفتهم قوات الأمن المصرية في الصحراء خلال سبتمبر/أيلول – تراجعت أعداد الزيارات السياحية السريعة إلى 9.1 مليون زيارة.
التضامن مع مصر
ونظراً لتعرض مصر للمشكلات، صوتت الدول الأعضاء بالمجلس التنفيذي لمنظمة السياحة العالمية للأمم المتحدة لصالح انعقاد اجتماعات نهاية العام في الأقصر.
وذكر الأمين العام للمجلس، طالب رفاعي، خلال حوار صحفي معه قبيل عملية التصويت: "الجميع يعلم أهمية مصر ويريد إبداء تضامنه معها".
وأدى حادث سقوط طائرة مصر للطيران في 19 مايو/أيار القادمة من باريس للقاهرة إلى تساءل البعض عما إذا كانت هناك مؤامرة تحاك ضد مصر، خاصة بعدما احتلت "مصر للطيران" عناوين الصحف خلال شهر مارس/آذار، حينما قام شخص يزعم ارتداء حزام ناسف باختطاف إحدى رحلاتها الجوية المحلية إلى قبرص. ولم تقع أي إصابات.
وتساءل محمد عثمان، رئيس اتحاد شركات السياحة في الأقصر: "يقع حادث في مصر كل شهرين. لماذا؟". وأضاف: "إننا نستعد لصدمات كهذه ونغامر بحياتنا. ولن نستسلم مطلقاً. نعرف أن مصر لن تموت أبداً".
وقبيل سقوط الطائرة بنحو أسبوع، كان عثمان يعمل مع محافظ الأقصر محمد بدر لوضع خطط استضافة اجتماعات الأمم المتحدة، بما في ذلك عرض أوبرا "عايدة" لفيردي.
استعرض محافظ الأقصر محمد بدر خلال لقاء في مكتبه خطط فتح الآثار ليلاً في الضفة الغربية لنهر النيل، مثل معبد حتشبسوت ووادي الملوك، وتحدث عن حلمه في إقامة قطار هوائي عبر النهر. ولكنه كان يعلم أن التحدي الأكبر يتمثل في إقناع الأجانب بالأمان الذي تتمتع به مصر والأقصر. ولتحقيق تلك الغاية، استعرض شاشتين كبيرتين تتلقيان بيانات مباشرة من خلال شبكة الكاميرات الأمنية المنتشرة في أنحاء المدينة.
وذكر: "ما نواجهه هو تغيير المفهوم لدى العالم الخارجي".
إمكانية التعافي
يذكر مسؤولو السياحة في مصر أنهم يتخذون الخطوات اللازمة لزيادة حجم التأمين في أماكن كالمطارات والمواقع التاريخية ويصرون على أن مصر تتمتع بالأمان.
وذكرت ساندرا كارفاو، مديرة الاتصالات بمنظمة السياحة العالمية: "أعتقد أن حقيقة لقائنا هناك يكشف أن لدينا الثقة بالدولة بصفة عامة".
وأشارت إلى أنه من المهم رغم الركود السياحي المطول أن نعترف بالزيادات السنوية في أعداد الزوار الوافدين إلى مصر عامي 2012 و2014.
وأضافت "حينما تنظر للأمر، تجد أن هناك إمكانية قوية نسبياً للتعافي الفعلي، حتى حينما يكون الموقف معقداً".
- هذا الموضوع مترجم عن صحيفة The New York Times الأميركية. للاطلاع على المادة الأصلية اضغط هنا.