تحاول المملكة العربية السعودية تشجيع مواطنيها على وظائف القطاع الخاص فيما تعمل على إعادة هيكلة اقتصادها المعتمد بصفة رئيسية على البترول.
حالياً يعمل حوالي 70% من السعوديين في وظائف حكومية، وهو رقم بات صعباً على المملكة استيعابه فيما تتواصل الضغوطات على اقتصادها بسبب تدني أسعار النفط، وفق تقرير نشرته صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية، الأربعاء 8 يونيو/حزيران 2016.
أهم النقاط المحورية في حزمة الإصلاحات الاقتصادية الجديدة بالمملكة، التي تعرف بـ"خطة التحول الوطني"، تتركز حول تغيير هذه النسبة؛ فالمملكة عازمة على تقليص عدد موظفيها في القطاع الحكومي وخفض الإنفاق على الرواتب، ضمن مساعٍ أوسع لخفض تكاليف الإنفاق وتنويع الاقتصاد وتقليل دور الحكومة فيه.
لطالما قدم القطاع السعودي العام لمواطنيه عرضاً مغرياً لا يفوت على مر العقود، فرواتبه المرتفعة للوظائف الرفيعة والمؤمنة مدى الحياة أغرت ثلثي العمالة السعودية بالعمل لصالح الحكومة.
لكن أكبر دولة مصدرة للنفط عالمياً تواجه مصاعب بعد عامين عانت فيهما من تدني أسعار النفط وعائداته، ما وضعها تحت رحمة ضغوطات لتقليل عدد موظفيها بتشجيعهم على العمل في القطاع الخاص بدلاً من الحكومة.
وهذه أحد أهم محاور خطة التحول الوطني الخمسية التي خطها وأشرف عليها ولي ولي العهد الشاب ذو الـ30 عاماً، الأمير محمد بن سلمان.
يشكل القطاع الخاص حالياً 40.5% من إجمالي الناتج المحلي للبلاد، أما النفط فشكل العام الماضي 70% من عائدات الحكومة.
أحد أهداف خطة التحول هو خفض الإنفاق الحكومي على الرواتب من 45% اليوم إلى 40% بحلول عام 2020، فيما خفض عدد الموظفين الحكوميين بمقدار 20% هو هدف آخر.
ولتحقيق ذلك أفاد وزير الخدمة المدنية السعودي خالد العرج الثلاثاء 7 يونيو/حزيران 2016 أن الحكومة عازمة على إبطاء عجلة التوظيف وعلى تقديم حزم تقاعد مبكر.
ويقدر أن تبلغ تكلفة تطبيق خطة التحول الوطنية هذه حوالي 270 مليار ريال سعودي (72 مليار دولار)، وجزء كبير منها سيعالج تضخم بيروقراطية المملكة مع تفعيل دور القطاع الخاص.
كما تهدف الخطة إلى خلق 450 ألف فرصة عمل في القطاع الخاص بحلول عام 2020، وستفرض على القطاع الخاص حصص نسبية (كوتا) تضمن حصول السعوديين على قسط وافر من فرص العمل هذه.
ومع أن الحكومة أعلنت عزمها توسعة القطاع الخاص إلا أنها لم تفصح عن تفاصيل حول كيفية تحقيقها لهذا الهدف.
جون سفاكياناكيس المستشار الاقتصادي السابق في الحكومة السعودية ومدير أبحاث مركز الخليج للدراسات في الرياض، يقول: "الأمر كله يتمحور حول تفعيل دور القطاع الخاص، فأهداف الخطة لن تتحقق دون ذلك، بيد أن الأسئلة التي عليهم الإجابة عنها هي لماذا ينبغي على القطاع الخاص تفعيل دوره وكيف وكم يبلغ مقترح الاستثمار؟"
ولعل أصعب التحديات أمام المملكة يكمن في تغيير نظرة الناس وفكرتهم عن القطاع الخاص في المملكة التي لطالما كانت الوظائف الحكومية فيها السؤدد والمنال في سوق الوظائف، فمن الصعب تحفيز الناس على الإقبال على القطاع الخاص تاركين خيارهم المفضل في الحكومة وراءهم.
ويقول الوزير العرج "هل عدد المتقدمين إلى الوظائف الحكومية في ازدياد؟ نعم. والسبب هو أن الجميع يتطلع إلى القطاع الحكومي نظراً لارتفاع التأمين الوظيفي هناك."
وكانت دراسة جديدة نشرتها جامعة الملك سعود بالرياض قد وجدت أن 80% من السعوديين الذي أجري عليهم استبيان لآرائهم في العاصمة قالوا صراحة أنهم يفضلون الانتظار في سبيل الحصول على وظيفة حكومية على القبول بوظيفة في القطاع الخاص.
وأهم الأسباب في ذلك، طبقاً للدراسة، كانت إيقاع العمل المتراخي وطول الإجازات وقصر ساعات الدوام اليومية.
وتتطلع الحكومة السعودية إلى القطاع الخاص لكي يأخذ عنها حِملاً أكبر في مجالات الرعاية الصحية والتربية والتعليم والسياحة؛ فقد قال المسؤولون في الأشهر الأخيرة أنهم يعتزمون منح القطاع الخاص دوراً أكبر في المستشفيات والمدارس لتوفير خدمات أفضل وتخفيف العبء عن كاهل ميزانية الدولة.
كذلك تتطلع الحكومة إلى تنمية السياحة بزيادة عدد الحجاج الوافدين على البلاد وبتشجيع السكان والمواطنين على قضاء عطلاتهم داخل المملكة.
وتأمل الحكومة أنه بحلول عام 2020 سيرغب نصف السعوديين بالعمل في القطاع الخاص، فهذا من بين الأهداف المنصوص عليها في خطة التحول الوطني الخمسية، والتي هي جزء من خطة اقتصادية أوسع وأطول أمداً هي خطة الرؤية السعودية 2030.
وفي هذه الأثناء تجد المملكة نفسها مجبرة على إيلاء الأولوية لخلق فرص العمل الجديدة نظراً لأن ثلثي تعداد السكان هم ممن أعمارهم أقل من 30 عاماً، حيث تعمل المملكة على خفض نسب البطالة فيها من 11% حالياً إلى 7% فقط خلال الأعوام الـ5 المقبلة.
وعلى مر السنين دأبت المملكة على إغداق العطاء والخدمات زهيدة الثمن للسكان كما لم تفرض عليهم أي نوع من الضرائب، بيد أن تدني أسعار النفط يشكل اختباراً وتحدياً لهذا التفاهم غير الرسمي وغير المكتوب بين السكان والحكومة، فالحكومة الآن تطالب مواطنيها بالاعتماد على أنفسهم وعلى إمكاناتهم بشكل أكبر لكسب الرزق وجني الثروة.
يقول فاروق سوسة كبير الخبراء الاقتصاديين المتخصصين في الشرق الأوسط في سيتي غروب "إن الموارد الآن باتت أكثر ضيقاً وشحاً بسبب أسعار النفط المتدنية، لكن ما نراه الآن هو خطوة للابتعاد عن هذا النمط؛ ففكرة اعتماد الناس على أنفسهم في الاسترزاق والتكسب من السوق، وفكرة أن يتناسب الراتب الشهري مع إسهام الموظف في اقتصاد البلاد، كلها أفكار مختلفة جذرياً عن العقلية السائدة".
وكذلك للإداريين البيروقراطيين نصيبٌ ودور في خطة التحول الوطني، فجزء كبير من خطة التحول يركز على زيادة محاسبة ومساءلة هؤلاء وتكوين مؤشرات للأداء عبر كل القطاعات والأقسام الحكومية.
كذلك هنالك تدابير وخطوات اتخذت في سبيل خفض الدعم الحكومي عن أسعار الماء والكهرباء، ما سيرفع أسعار هذه الخدمات ويوفر على الدولة حسب تقديراتها مبلغ 200 مليار ريال سعودي إجمالاً بحلول عام 2020.
وتنوي الحكومة أيضاً رفع العائدات بفرض ضرائب غير مباشرة كضريبة القيمة المضافة وفرض ضرائب على التبغ والمشروبات الغازية والطاقة – ما يعرف بضريبة الخطيئة.
وفي حين يقول المسؤولون السعوديون أن الحكومة لن تفرض ضريبة دخل إلا أن وثائق خطة التحول تشير إلى أن وزارة الاقتصاد قد كلفت بـ "التحضير لتطبيق ضريبة دخل موحدة".
هذا وقد قال وزير الاقتصاد إبراهيم العساف للصحافة يوم الثلاثاء أن الحكومة لن تفرض ضريبة دخل على المواطنين السعوديين، وإنما تفكر بفرضها على الأجانب الوافدين.
العساف أوضح أنه "لن تفرض ضريبة على المواطنين، وأما الضريبة المفروضة على المقيمين الأجانب فالمقترح عبارة عن مبادرة تنتظر المناقشة، لكن ما من قرار اتخذ بهذا الشأن بعد."
كما تتعهد الخطة أيضاً بمتابعة تقديم العون للفقراء وبزيادة توفير فرص الإسكان الميسّر.
-هذا الموضوع مترجم عن صحيفة The Wall Street Journal الأميركية. للاطلاع على الموضوع الأصلي، اضغط هنا.
حالياً يعمل حوالي 70% من السعوديين في وظائف حكومية، وهو رقم بات صعباً على المملكة استيعابه فيما تتواصل الضغوطات على اقتصادها بسبب تدني أسعار النفط، وفق تقرير نشرته صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية، الأربعاء 8 يونيو/حزيران 2016.
خفض تكاليف الإنفاق
أهم النقاط المحورية في حزمة الإصلاحات الاقتصادية الجديدة بالمملكة، التي تعرف بـ"خطة التحول الوطني"، تتركز حول تغيير هذه النسبة؛ فالمملكة عازمة على تقليص عدد موظفيها في القطاع الحكومي وخفض الإنفاق على الرواتب، ضمن مساعٍ أوسع لخفض تكاليف الإنفاق وتنويع الاقتصاد وتقليل دور الحكومة فيه.
لطالما قدم القطاع السعودي العام لمواطنيه عرضاً مغرياً لا يفوت على مر العقود، فرواتبه المرتفعة للوظائف الرفيعة والمؤمنة مدى الحياة أغرت ثلثي العمالة السعودية بالعمل لصالح الحكومة.
لكن أكبر دولة مصدرة للنفط عالمياً تواجه مصاعب بعد عامين عانت فيهما من تدني أسعار النفط وعائداته، ما وضعها تحت رحمة ضغوطات لتقليل عدد موظفيها بتشجيعهم على العمل في القطاع الخاص بدلاً من الحكومة.
وهذه أحد أهم محاور خطة التحول الوطني الخمسية التي خطها وأشرف عليها ولي ولي العهد الشاب ذو الـ30 عاماً، الأمير محمد بن سلمان.
تقليل أعداد الموظفين الحكوميين
يشكل القطاع الخاص حالياً 40.5% من إجمالي الناتج المحلي للبلاد، أما النفط فشكل العام الماضي 70% من عائدات الحكومة.
أحد أهداف خطة التحول هو خفض الإنفاق الحكومي على الرواتب من 45% اليوم إلى 40% بحلول عام 2020، فيما خفض عدد الموظفين الحكوميين بمقدار 20% هو هدف آخر.
ولتحقيق ذلك أفاد وزير الخدمة المدنية السعودي خالد العرج الثلاثاء 7 يونيو/حزيران 2016 أن الحكومة عازمة على إبطاء عجلة التوظيف وعلى تقديم حزم تقاعد مبكر.
ويقدر أن تبلغ تكلفة تطبيق خطة التحول الوطنية هذه حوالي 270 مليار ريال سعودي (72 مليار دولار)، وجزء كبير منها سيعالج تضخم بيروقراطية المملكة مع تفعيل دور القطاع الخاص.
تفعيل القطاع الخاص
كما تهدف الخطة إلى خلق 450 ألف فرصة عمل في القطاع الخاص بحلول عام 2020، وستفرض على القطاع الخاص حصص نسبية (كوتا) تضمن حصول السعوديين على قسط وافر من فرص العمل هذه.
ومع أن الحكومة أعلنت عزمها توسعة القطاع الخاص إلا أنها لم تفصح عن تفاصيل حول كيفية تحقيقها لهذا الهدف.
جون سفاكياناكيس المستشار الاقتصادي السابق في الحكومة السعودية ومدير أبحاث مركز الخليج للدراسات في الرياض، يقول: "الأمر كله يتمحور حول تفعيل دور القطاع الخاص، فأهداف الخطة لن تتحقق دون ذلك، بيد أن الأسئلة التي عليهم الإجابة عنها هي لماذا ينبغي على القطاع الخاص تفعيل دوره وكيف وكم يبلغ مقترح الاستثمار؟"
ولعل أصعب التحديات أمام المملكة يكمن في تغيير نظرة الناس وفكرتهم عن القطاع الخاص في المملكة التي لطالما كانت الوظائف الحكومية فيها السؤدد والمنال في سوق الوظائف، فمن الصعب تحفيز الناس على الإقبال على القطاع الخاص تاركين خيارهم المفضل في الحكومة وراءهم.
ويقول الوزير العرج "هل عدد المتقدمين إلى الوظائف الحكومية في ازدياد؟ نعم. والسبب هو أن الجميع يتطلع إلى القطاع الحكومي نظراً لارتفاع التأمين الوظيفي هناك."
وكانت دراسة جديدة نشرتها جامعة الملك سعود بالرياض قد وجدت أن 80% من السعوديين الذي أجري عليهم استبيان لآرائهم في العاصمة قالوا صراحة أنهم يفضلون الانتظار في سبيل الحصول على وظيفة حكومية على القبول بوظيفة في القطاع الخاص.
وأهم الأسباب في ذلك، طبقاً للدراسة، كانت إيقاع العمل المتراخي وطول الإجازات وقصر ساعات الدوام اليومية.
وتتطلع الحكومة السعودية إلى القطاع الخاص لكي يأخذ عنها حِملاً أكبر في مجالات الرعاية الصحية والتربية والتعليم والسياحة؛ فقد قال المسؤولون في الأشهر الأخيرة أنهم يعتزمون منح القطاع الخاص دوراً أكبر في المستشفيات والمدارس لتوفير خدمات أفضل وتخفيف العبء عن كاهل ميزانية الدولة.
كذلك تتطلع الحكومة إلى تنمية السياحة بزيادة عدد الحجاج الوافدين على البلاد وبتشجيع السكان والمواطنين على قضاء عطلاتهم داخل المملكة.
الترغيب بالقطاع الخاص
وتأمل الحكومة أنه بحلول عام 2020 سيرغب نصف السعوديين بالعمل في القطاع الخاص، فهذا من بين الأهداف المنصوص عليها في خطة التحول الوطني الخمسية، والتي هي جزء من خطة اقتصادية أوسع وأطول أمداً هي خطة الرؤية السعودية 2030.
وفي هذه الأثناء تجد المملكة نفسها مجبرة على إيلاء الأولوية لخلق فرص العمل الجديدة نظراً لأن ثلثي تعداد السكان هم ممن أعمارهم أقل من 30 عاماً، حيث تعمل المملكة على خفض نسب البطالة فيها من 11% حالياً إلى 7% فقط خلال الأعوام الـ5 المقبلة.
وعلى مر السنين دأبت المملكة على إغداق العطاء والخدمات زهيدة الثمن للسكان كما لم تفرض عليهم أي نوع من الضرائب، بيد أن تدني أسعار النفط يشكل اختباراً وتحدياً لهذا التفاهم غير الرسمي وغير المكتوب بين السكان والحكومة، فالحكومة الآن تطالب مواطنيها بالاعتماد على أنفسهم وعلى إمكاناتهم بشكل أكبر لكسب الرزق وجني الثروة.
انخفاض الموارد ولَّد ضغوطاً
يقول فاروق سوسة كبير الخبراء الاقتصاديين المتخصصين في الشرق الأوسط في سيتي غروب "إن الموارد الآن باتت أكثر ضيقاً وشحاً بسبب أسعار النفط المتدنية، لكن ما نراه الآن هو خطوة للابتعاد عن هذا النمط؛ ففكرة اعتماد الناس على أنفسهم في الاسترزاق والتكسب من السوق، وفكرة أن يتناسب الراتب الشهري مع إسهام الموظف في اقتصاد البلاد، كلها أفكار مختلفة جذرياً عن العقلية السائدة".
وكذلك للإداريين البيروقراطيين نصيبٌ ودور في خطة التحول الوطني، فجزء كبير من خطة التحول يركز على زيادة محاسبة ومساءلة هؤلاء وتكوين مؤشرات للأداء عبر كل القطاعات والأقسام الحكومية.
كذلك هنالك تدابير وخطوات اتخذت في سبيل خفض الدعم الحكومي عن أسعار الماء والكهرباء، ما سيرفع أسعار هذه الخدمات ويوفر على الدولة حسب تقديراتها مبلغ 200 مليار ريال سعودي إجمالاً بحلول عام 2020.
وتنوي الحكومة أيضاً رفع العائدات بفرض ضرائب غير مباشرة كضريبة القيمة المضافة وفرض ضرائب على التبغ والمشروبات الغازية والطاقة – ما يعرف بضريبة الخطيئة.
وفي حين يقول المسؤولون السعوديون أن الحكومة لن تفرض ضريبة دخل إلا أن وثائق خطة التحول تشير إلى أن وزارة الاقتصاد قد كلفت بـ "التحضير لتطبيق ضريبة دخل موحدة".
هذا وقد قال وزير الاقتصاد إبراهيم العساف للصحافة يوم الثلاثاء أن الحكومة لن تفرض ضريبة دخل على المواطنين السعوديين، وإنما تفكر بفرضها على الأجانب الوافدين.
العساف أوضح أنه "لن تفرض ضريبة على المواطنين، وأما الضريبة المفروضة على المقيمين الأجانب فالمقترح عبارة عن مبادرة تنتظر المناقشة، لكن ما من قرار اتخذ بهذا الشأن بعد."
كما تتعهد الخطة أيضاً بمتابعة تقديم العون للفقراء وبزيادة توفير فرص الإسكان الميسّر.
-هذا الموضوع مترجم عن صحيفة The Wall Street Journal الأميركية. للاطلاع على الموضوع الأصلي، اضغط هنا.