حين ظهر كمرشح رئاسي عام 2007 أبهر الأمريكان.. بدا واثقًا من نفسه.. حازمًا.. متحدثًا مفوهًا.. يعرف ماذا يريد.. يتحدث بمنطق مختلف.. يمتلك الإرادة التي تبدت في شعار حملته لانتخابات الرئاسة "نعم نستطيع YES WE CAN".
وهذه الصفات إضافة إلى الآلة الإعلامية الضخمة ساعدت على تغطية نقطتي ضعف مهمتين في العقلية الأمريكية، وهما أنه "أسود"، ويفتقد للأناقة والجاذبية.
كما أن الأفعال السلبية للرئيس الأمريكي وقتها جورج بوش الابن وإدارته كان لها دور في خسارة حزبه الجمهوري للانتخابات؛ ليسطع نجم باراك أوباما ويكون في 20 يناير كانون الثاني عام 2009 أول رئيس من أصول أفريقية للولايات المتحدة الأمريكية.
توقع الجميع أن هذا الوافد الجديد سينفذ ما وعد، وسيصلح ما أفسده سلفه، وسيغير الواقع، و"سيحدث الفرق".
فهل فعل باراك أوباما ذلك بعد دورتين من توليه رئاسة "أقوى دولة في العالم"؟
- أوباما وغوانتامو:
وقَّع أوباما في 22 يناير كانون الثاني 2009 قرارًا تنفيذيًّا يقضي بإغلاق مركز الاعتقال في خليج غوانتانامو خلال عام، وإغلاق غوانتامو كان من أهم وعود أوباما في حملته الانتخابية الأولى، والآن وبعد أكثر من ست سنوات ومع مشارفة ولايته الثانية على الانتهاء لم يُغلَق هذا المعتقل.
يل إن وزير الدفاع الأمريكي آش كارتر اقترح في الأول من سبتمبر أيلول 2015 التخلي عن عزم البيت الأبيض بإغلاق معتقل غوانتانامو، واصفاً مساعي البيت الأبيض بهذا الشأن على أنها "معقدة".!!
"معقدة"؟؟ بعد ست سنوات؟ على من؟؟ ولمن؟؟ ولماذا؟؟ الله وحده أعلم.
- أوباما وأفغانستان:
وعد باراك أوباما في حملته الانتخابية الأولى عام 2009 بانسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان بحلول نهاية عام 2014، ثم في 25 مايو آيار 2014 أكد على أن الحرب الأميركية طويلة الأمد في أفغانستان ستنتهي مع نهاية العام.
لكنه عاد وقرر سحب كامل القوات المنتشرة في أفغانستان مع نهاية 2016، الأمر الذي انتقده السيناتور الأمريكي جون ماكين في 5 يوليو تموز 2015.
- أوباما وأوكرانيا:
في الأول من مارس آذار 2014 وافق مجلس الاتحاد الروسي بالإجماع على طلب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين استخدام القوات الروسية في أوكرانيا، وما كان ذلك إلا تمهيدًا من بوتين لضم إقليم القرم لروسيا وانتظارًا للاستفتاء الذي سيجرى في الإقليم للانفصال عن أوكرانيا، والذي جرى في 16 مارس آذار 2014 وجاءت نتيجته بتأييد الانفصال عن أوكرانيا بنسبة 95%.؛ لتتحرك روسيا وتعلن ضم الإقليم، وترسل قواتها العسكرية إلى الإقليم، إضافة إلى تواجد قاعدة بحرية روسية هناك.
هذا التحرك الروسي السريع قابله "حديث" أمريكي تحذيري وتهديدي متكرر دون فعل، وبعد مرور ما يقارب عام على أزمة القرم قال الرئيس الأميركي باراك أوباما في 10 فبراير شباط 2015 أنه "لم يتخذ قرارًا بعد بشأن إرسال أسلحة إلى أوكرانيا لمساعدتها في قتالها ضد الانفصاليين الموالين لروسيا"!.
وفي 24 مارس آذار 2015 صوت مجلس النواب الأمريكي بأغلبية كبيرة على قرار يدعو أوباما إلى تزويد أوكرانيا بأسلحة قتالية للدفاع عن نفسها ضد "المعتدي الروسي".
وبالرغم من مرور سنة، ومن وجود دعم مجلس النواب إلا أن أوباما لم يتحرك، فيما تحرك بوتين وفعل في ساعات.
- أوباما و"داعش":
عاش أوباما محكومًا بعقدة "بوش الابن" الرئيس الذي الذى سبقه والذى أعلن الحرب على الدنيا بعد أحداث الحادى عشر من سبتمبر أيلول 2001 بحجة محاربة الإرهاب.
وتشاء الأقدار أن يواجه أوباما الموقف ذاته بعد ثلاثة عشر عامًا؛ ليعلن عام 2014 في ذكرى الحادي عشر من سبتمبر أيلول الحرب على الإرهاب المتمثل في تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام والمعروف بـ"داعش"، ذلك القرار الذي اتخذه تحت ضغط الظروف وبروز قوة "داعش".
ودعا أوباما إلى حلف دولي ضد التنظيم، وأعلن أن حربه ستكون جوية ولوجستية، ولن تتواجد قوات برية، وبدأت الحرب، لكن بدا جليًّا بعد ذلك أنها كانت حربًا صورية بلا فائدة أو تأثير؛ إذ إن حال أوباما فى مواجهة "داعش" كان بمنطق "دعه يعمل، دعه يمر"، ولم يتعدَّ الأمر مجرد ضوضاء إعلامية بمنطق "أسمع جعجعة ولا أرى طحنًا".
- أوباما واللاجئون إلى أوروبا:
فيما امتلاً العالم طنطنة حول أزمة اللاجئين (والسوريين على وجه الخصوص) إلى أوروبا، وتصاعدت الأحداث والتحركات، وعلت الأصوات، كان الصوت الأمريكي وما زال هو الأخفت والأضعف؛ فلم نشاهد موقفًا، ولم نسمع حلًّا، ولم نرَ تحركًا.
بينما كانت لأطراف كثيرة كروسيا وإيران وبشار الأسد مآرب أخرى تحققها من وراء هذه الأزمة، وهي التي أوضحتها تفصيلاً في مقالي:
"أزمة اللاجئين السوريين.. ولهم فيها مآرب أخرى"
أما أوباما؛ فالحقيقة أنه خارج المعادلة، لا ناقة ولا جمل له في الأمر برمته، والأمر المثير للسخرية أن الصوت الأمريكي الأعلى كان صوت المرشح للانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري لاختيار ممثله للاقتراع الرئاسي الأميركي دونالد ترامب الذي أعلن في الأول من أكتوبر تشرين الأول 2015 أنه "سيعيد آلاف اللاجئين السوريين إلى بلدهم إذا انتٌخب رئيسًا للولايات المتحدة"!.
- وأخيرًا وليس آخرًا:
أوباما والتدخل العسكري الروسي في سوريا:
كان التدخل العسكري الروسي في سوريا الحادث هذه الأيام هو طامة الطامات، والنتيجة الحتمية الوحيدة لمواقف أوباما الضعيفة وغير الموجودة؛ فأي شخص ذو تطلعات محدودة ما كان ليجد إغراء أكبر من ذلك لتحقيق تطلعاته؛ فكيف إذا كان الحال مع شخص لا حدود لتطلعاته كفلاديمير بوتين؟؟ الشخص الذي لا أشك لحظة في أنه ينام ويقوم وهو يحلم بعودة "الاتحاد السوفيتي" في قمة سطوته، وأن يكون أيقونة روسية جديدة كـ"فلاديمير لينين" و"نيكيتا خروتشوف" و"ليونيد بريجينيف".
وبالطبع لم يكن التدخل الروسي لمحاربة "داعش" ومكافحة الإرهاب كما يدعي محور "روسيا- إيران- بشار"، وإنما جاء لتثبيت دعائم حكم بشار الأسد مهما كلف الأمر؛ فالأماكن التي استهدفتها القوات الروسية شمال حلب ليس فيها وجود لـ"داعش"، والقتلى مدنيون، بحسب الائتلاف السوري المعارض.
فيما كان السيناتور الأمريكي جون ماكين رئيس لجنة القوات المسلحة بالكونغرس أكثر وضوحًا، حيث صرح في مقابلة تلفزيونية في الأول من أكتوبر تشرين الأول 2015: "يمكنني أن أؤكد تمامًا أن (الروس) يشنون غارات على مجندينا المنتمين للجيش السوري الحر، الذي سلَّحته ودربته وكالة المخابرات المركزية الأمريكية".
فلم يعد التحرك العسكري الروسي لمصلحة نظام بشار فقط؛ بل تجاوزه إلى التعدي على "حلفاء" أمريكا إن صح التعبير.
إذا كانت العبارة الشهيرة تقول: "لا أسمع.. لا أرى.. لا أتكلم"، فإن حال إدارة أوباما يسير وفق منطق: "أسمع.. أرى.. لا أفعل".
أما وقد تجاوزت روسيا بتدخلها العسكري في سوريا كل الحدود مستغلة هذا الوهن الأمريكي الظاهر، فهل يا ترى أوباما سيفعل يومًا؟؟ لعل الأيام القادمة تجيب.
وهذه الصفات إضافة إلى الآلة الإعلامية الضخمة ساعدت على تغطية نقطتي ضعف مهمتين في العقلية الأمريكية، وهما أنه "أسود"، ويفتقد للأناقة والجاذبية.
كما أن الأفعال السلبية للرئيس الأمريكي وقتها جورج بوش الابن وإدارته كان لها دور في خسارة حزبه الجمهوري للانتخابات؛ ليسطع نجم باراك أوباما ويكون في 20 يناير كانون الثاني عام 2009 أول رئيس من أصول أفريقية للولايات المتحدة الأمريكية.
توقع الجميع أن هذا الوافد الجديد سينفذ ما وعد، وسيصلح ما أفسده سلفه، وسيغير الواقع، و"سيحدث الفرق".
فهل فعل باراك أوباما ذلك بعد دورتين من توليه رئاسة "أقوى دولة في العالم"؟
- أوباما وغوانتامو:
وقَّع أوباما في 22 يناير كانون الثاني 2009 قرارًا تنفيذيًّا يقضي بإغلاق مركز الاعتقال في خليج غوانتانامو خلال عام، وإغلاق غوانتامو كان من أهم وعود أوباما في حملته الانتخابية الأولى، والآن وبعد أكثر من ست سنوات ومع مشارفة ولايته الثانية على الانتهاء لم يُغلَق هذا المعتقل.
يل إن وزير الدفاع الأمريكي آش كارتر اقترح في الأول من سبتمبر أيلول 2015 التخلي عن عزم البيت الأبيض بإغلاق معتقل غوانتانامو، واصفاً مساعي البيت الأبيض بهذا الشأن على أنها "معقدة".!!
"معقدة"؟؟ بعد ست سنوات؟ على من؟؟ ولمن؟؟ ولماذا؟؟ الله وحده أعلم.
- أوباما وأفغانستان:
وعد باراك أوباما في حملته الانتخابية الأولى عام 2009 بانسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان بحلول نهاية عام 2014، ثم في 25 مايو آيار 2014 أكد على أن الحرب الأميركية طويلة الأمد في أفغانستان ستنتهي مع نهاية العام.
لكنه عاد وقرر سحب كامل القوات المنتشرة في أفغانستان مع نهاية 2016، الأمر الذي انتقده السيناتور الأمريكي جون ماكين في 5 يوليو تموز 2015.
- أوباما وأوكرانيا:
في الأول من مارس آذار 2014 وافق مجلس الاتحاد الروسي بالإجماع على طلب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين استخدام القوات الروسية في أوكرانيا، وما كان ذلك إلا تمهيدًا من بوتين لضم إقليم القرم لروسيا وانتظارًا للاستفتاء الذي سيجرى في الإقليم للانفصال عن أوكرانيا، والذي جرى في 16 مارس آذار 2014 وجاءت نتيجته بتأييد الانفصال عن أوكرانيا بنسبة 95%.؛ لتتحرك روسيا وتعلن ضم الإقليم، وترسل قواتها العسكرية إلى الإقليم، إضافة إلى تواجد قاعدة بحرية روسية هناك.
هذا التحرك الروسي السريع قابله "حديث" أمريكي تحذيري وتهديدي متكرر دون فعل، وبعد مرور ما يقارب عام على أزمة القرم قال الرئيس الأميركي باراك أوباما في 10 فبراير شباط 2015 أنه "لم يتخذ قرارًا بعد بشأن إرسال أسلحة إلى أوكرانيا لمساعدتها في قتالها ضد الانفصاليين الموالين لروسيا"!.
وفي 24 مارس آذار 2015 صوت مجلس النواب الأمريكي بأغلبية كبيرة على قرار يدعو أوباما إلى تزويد أوكرانيا بأسلحة قتالية للدفاع عن نفسها ضد "المعتدي الروسي".
وبالرغم من مرور سنة، ومن وجود دعم مجلس النواب إلا أن أوباما لم يتحرك، فيما تحرك بوتين وفعل في ساعات.
- أوباما و"داعش":
عاش أوباما محكومًا بعقدة "بوش الابن" الرئيس الذي الذى سبقه والذى أعلن الحرب على الدنيا بعد أحداث الحادى عشر من سبتمبر أيلول 2001 بحجة محاربة الإرهاب.
وتشاء الأقدار أن يواجه أوباما الموقف ذاته بعد ثلاثة عشر عامًا؛ ليعلن عام 2014 في ذكرى الحادي عشر من سبتمبر أيلول الحرب على الإرهاب المتمثل في تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام والمعروف بـ"داعش"، ذلك القرار الذي اتخذه تحت ضغط الظروف وبروز قوة "داعش".
ودعا أوباما إلى حلف دولي ضد التنظيم، وأعلن أن حربه ستكون جوية ولوجستية، ولن تتواجد قوات برية، وبدأت الحرب، لكن بدا جليًّا بعد ذلك أنها كانت حربًا صورية بلا فائدة أو تأثير؛ إذ إن حال أوباما فى مواجهة "داعش" كان بمنطق "دعه يعمل، دعه يمر"، ولم يتعدَّ الأمر مجرد ضوضاء إعلامية بمنطق "أسمع جعجعة ولا أرى طحنًا".
- أوباما واللاجئون إلى أوروبا:
فيما امتلاً العالم طنطنة حول أزمة اللاجئين (والسوريين على وجه الخصوص) إلى أوروبا، وتصاعدت الأحداث والتحركات، وعلت الأصوات، كان الصوت الأمريكي وما زال هو الأخفت والأضعف؛ فلم نشاهد موقفًا، ولم نسمع حلًّا، ولم نرَ تحركًا.
بينما كانت لأطراف كثيرة كروسيا وإيران وبشار الأسد مآرب أخرى تحققها من وراء هذه الأزمة، وهي التي أوضحتها تفصيلاً في مقالي:
"أزمة اللاجئين السوريين.. ولهم فيها مآرب أخرى"
أما أوباما؛ فالحقيقة أنه خارج المعادلة، لا ناقة ولا جمل له في الأمر برمته، والأمر المثير للسخرية أن الصوت الأمريكي الأعلى كان صوت المرشح للانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري لاختيار ممثله للاقتراع الرئاسي الأميركي دونالد ترامب الذي أعلن في الأول من أكتوبر تشرين الأول 2015 أنه "سيعيد آلاف اللاجئين السوريين إلى بلدهم إذا انتٌخب رئيسًا للولايات المتحدة"!.
- وأخيرًا وليس آخرًا:
أوباما والتدخل العسكري الروسي في سوريا:
كان التدخل العسكري الروسي في سوريا الحادث هذه الأيام هو طامة الطامات، والنتيجة الحتمية الوحيدة لمواقف أوباما الضعيفة وغير الموجودة؛ فأي شخص ذو تطلعات محدودة ما كان ليجد إغراء أكبر من ذلك لتحقيق تطلعاته؛ فكيف إذا كان الحال مع شخص لا حدود لتطلعاته كفلاديمير بوتين؟؟ الشخص الذي لا أشك لحظة في أنه ينام ويقوم وهو يحلم بعودة "الاتحاد السوفيتي" في قمة سطوته، وأن يكون أيقونة روسية جديدة كـ"فلاديمير لينين" و"نيكيتا خروتشوف" و"ليونيد بريجينيف".
وبالطبع لم يكن التدخل الروسي لمحاربة "داعش" ومكافحة الإرهاب كما يدعي محور "روسيا- إيران- بشار"، وإنما جاء لتثبيت دعائم حكم بشار الأسد مهما كلف الأمر؛ فالأماكن التي استهدفتها القوات الروسية شمال حلب ليس فيها وجود لـ"داعش"، والقتلى مدنيون، بحسب الائتلاف السوري المعارض.
فيما كان السيناتور الأمريكي جون ماكين رئيس لجنة القوات المسلحة بالكونغرس أكثر وضوحًا، حيث صرح في مقابلة تلفزيونية في الأول من أكتوبر تشرين الأول 2015: "يمكنني أن أؤكد تمامًا أن (الروس) يشنون غارات على مجندينا المنتمين للجيش السوري الحر، الذي سلَّحته ودربته وكالة المخابرات المركزية الأمريكية".
فلم يعد التحرك العسكري الروسي لمصلحة نظام بشار فقط؛ بل تجاوزه إلى التعدي على "حلفاء" أمريكا إن صح التعبير.
إذا كانت العبارة الشهيرة تقول: "لا أسمع.. لا أرى.. لا أتكلم"، فإن حال إدارة أوباما يسير وفق منطق: "أسمع.. أرى.. لا أفعل".
أما وقد تجاوزت روسيا بتدخلها العسكري في سوريا كل الحدود مستغلة هذا الوهن الأمريكي الظاهر، فهل يا ترى أوباما سيفعل يومًا؟؟ لعل الأيام القادمة تجيب.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.