يعتبر البعض أن الأحداث الأخيرة التي تمر بها فلسطين مجرد "هبة" جماهيرية عابرة، بينما يراها آخرون "انتفاضة" شعبية، ويتمنون امتدادها أكثر.
لكن وفق متابعين فإن المسميات "لن تغير من دلالات الحراك الشعبي" الذي أطلقه الفلسطينيون ضد الجيش والمستوطنين الإسرائيليين.
ومع دخول الحراك الفلسطيني أسبوعه الثالث على التوالي، تثار الأسئلة عما إن كان سيستمر ويتطور، أم أنه سيقتصر على فترة زمنية قصيرة لينحصر، كما حدث في مواجهات سابقة.
الدكتور بلال الشوبكي، أستاذ العلوم السياسية في جامعة الخليل، جنوب الضفة الغربية، يرى في حديثه لـ"هافينغتون بوست عربي"، أن ما يجري "انتفاضة حقيقية، لكن الاختلاف على تقديرها نابع من تخوّف البعض من استمراريتها، لذا يعمدون إلى تسميتها هبة، لما لهذا الاسم من دلالات نفسية".
ويذهب الشوبكي في تفسير هذه "الدلالات النفسية" بالقول: "الهبة قد تعني الانتهاء في وقت قريب جداً، لذا لا يتردد المتخوفون من حالة المواجهة في التأكيد على أنها مجرد هبة، حتى يدفعوا الجماهير للتفكير مرتين قبل المشاركة فيها"، على حد تعبيره.
وبخصوص مستعملي "الانتفاضة" فإنهم، حسب الشوبكي، "يسعون لجعل المشاركة في الفعاليات أمراً حتمياً، إضافة إلى إمكانية استقطاب شرائح أوسع من المجتمع الفلسطيني للمشاركة".
ويشير الشوبكي إلى أنه لا "توجد معايير علمية يمكن البناء عليها في تقدير ما يجري، لكن في نفس الوقت لا يوجد ما يمنع من تسميتها بالانتفاضة، إذ إن المشاركة جماهيرية وواسعة، وتغطي كافة المناطق في فلسطين".
ويرى أن المواجهات ستستمر بوتيرة متباينة خلال الفترة القادمة، "بمعنى أننا سنشهد فترات هدوء، دون أن تؤول الأمور إلى استقرار نهائي، على أن تتجدد المواجهات في أي لحظة يبادر فيها الفلسطينيون أفراداً أو جماعات إلى تحريك الأوضاع".
في قراءته للأحداث، يرى الكاتب والباحث السياسي ساري عرابي أن "ملامح أي انتفاضة" تتلخص في عنصرين: "الأول وهو الاستمرارية، كما في تجارب الانتفاضات السابقة التي استمرت سنوات عدة، أما الثاني فيكمن في الشمول، بمعنى أن يكون هناك اتساع في المشاركة بهذه الأحداث بما يشمل الجغرافيا الفلسطينية، وكذلك مشاركة فئات المجتمع كلها".
ويضيف عرابي في حديثه لـ"هافينغتون بوست عربي"، أن الأحداث لازالت في الأسبوع الثالث، وأن المواجهات أيضاً لا تزال على نقاط الاحتكاك بمداخل المدن، "هذا الأمر يجعل الحديث عن الاستمرارية بحاجة لمزيد من الانتظار، وإن لم تستمر الأحداث وتتسع رقعتها فإن لهذا الحراك سمات خاصة قد تتطور إلى انتفاضة، أو انفجار شعبي كبير في المدى القريب أو المدة المتوسط".
يقول الدكتور سمير عوض، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة بيرزيت، شمالي رام الله، إن النقاش الدائر حول تسمية الأحداث ليس مهماً الآن، إذ "يكفي أن نطلق عليها اسم مواجهات، دون أن نبحث في استمراريتها من عدمها؛ لأنها مرهونة بعوامل رئيسية على الأرض".
عوض يوضح في تصريح لـ"هافينغتون بوست عربي" هذه العوامل، قائلاً إنها تتمثل في "مستوى استمرار الجيش الإسرائيلي في فرض إجراءاته فيما يخص البلدة القديمة بمدينة القدس المحتلة والمسجد الأقصى، فالبلدة القديمة تحولت إلى سجن كبير بعد الإغلاق التام لمداخلها".
ولضمان استمرار هذه الأحداث يرى عوض أنه من الضروري "ظهور القيادة التي ستعمل على تقديم التوجيهات لهذا الحراك من مختلف الفصائل والأحزاب، فمن يقوده الآن هو الشباب دون سن العشرين عاماً".
أما العامل الثالث للاستمرارية، وفقاً لنفس المتحدث، فيتمثل في "الالتقاء حول المفاهيم باختلاف أماكن المواجهة، فالشبان في الضفة والقدس والداخل الفلسطيني وغزة موحدون جميعاً في الاشتباك مع إسرائيل، بينما الجسم السياسي القيادي الرسمي يعاني من انقسام بين الضفة وغزة، وهذا يعزز معطى أن قيادة الحراك الآن ليست القيادة الرسمية، وإنما الشباب المشارك، وبالتالي يبقى الباب مفتوحاً على كل الاحتمالات".
الباحث السياسي ساري عرابي بدوره يضيف عاملاً رابعاً يتمثل في الاستيطان بالضفة الغربية، "إذ أصبح يشكل خطراً على حياة الناس، لاسيما القرى المتاخمة للمستوطنات، فهناك اعتداءات ينفذها المستوطنون على البيوت والمساجد".
أما العامل الخامس، كما يراه عرابي، فيتمثل في "انغلاق الأفق السياسي ومراوحة المكان للعملية السياسية، وفشل مشروع التسوية، وهو قد أثر على رؤية الجمهور الفلسطيني للحقوق الفلسطينية".
في حديثه عن ما يمكن أن ينهي الأحداث الجارية في فلسطين، يرى الشوبكي، أستاذ العلوم السياسية في جامعة الخليل، أن هذه الأحداث "هي النقيض التام لبنية البلد التي قامت وفقاً لتصورات اللجنة الرباعية الدولية ومبعوثيها لعملية السلام".
الشوبكي رأى أن الأيام القريبة القادمة ستشهد "لغة دولية أكثر وضوحاً بخصوص مطالبة السلطة بضبط المشهد أمنياً بما يتوافق مع رؤية الرباعية، وهناك قد تبدأ بالتشكل عملية الضغط لوقف هذا الحراك".
بينما يرى الكاتب ساري عرابي أن أحد العوائق التي تقف أمام استمرارية الأحداث الحالية هو الحضور غير الواضح للأجيال الأخرى، "فالجيل المشارك حتى الآن هو جيل الشباب القريب من العشرينيات في العمر، أما الجيل الأكبر فهو لازال غير مشارك؛ نتيجة حالة الاستنزاف التي تعرض لها خلال السنوات والتجارب السابقة، وكذلك حالة الانقسام السياسي الداخلي".
لكن وفق متابعين فإن المسميات "لن تغير من دلالات الحراك الشعبي" الذي أطلقه الفلسطينيون ضد الجيش والمستوطنين الإسرائيليين.
ومع دخول الحراك الفلسطيني أسبوعه الثالث على التوالي، تثار الأسئلة عما إن كان سيستمر ويتطور، أم أنه سيقتصر على فترة زمنية قصيرة لينحصر، كما حدث في مواجهات سابقة.
هبة أم انتفاضة؟
الدكتور بلال الشوبكي، أستاذ العلوم السياسية في جامعة الخليل، جنوب الضفة الغربية، يرى في حديثه لـ"هافينغتون بوست عربي"، أن ما يجري "انتفاضة حقيقية، لكن الاختلاف على تقديرها نابع من تخوّف البعض من استمراريتها، لذا يعمدون إلى تسميتها هبة، لما لهذا الاسم من دلالات نفسية".
ويذهب الشوبكي في تفسير هذه "الدلالات النفسية" بالقول: "الهبة قد تعني الانتهاء في وقت قريب جداً، لذا لا يتردد المتخوفون من حالة المواجهة في التأكيد على أنها مجرد هبة، حتى يدفعوا الجماهير للتفكير مرتين قبل المشاركة فيها"، على حد تعبيره.
وبخصوص مستعملي "الانتفاضة" فإنهم، حسب الشوبكي، "يسعون لجعل المشاركة في الفعاليات أمراً حتمياً، إضافة إلى إمكانية استقطاب شرائح أوسع من المجتمع الفلسطيني للمشاركة".
ويشير الشوبكي إلى أنه لا "توجد معايير علمية يمكن البناء عليها في تقدير ما يجري، لكن في نفس الوقت لا يوجد ما يمنع من تسميتها بالانتفاضة، إذ إن المشاركة جماهيرية وواسعة، وتغطي كافة المناطق في فلسطين".
ويرى أن المواجهات ستستمر بوتيرة متباينة خلال الفترة القادمة، "بمعنى أننا سنشهد فترات هدوء، دون أن تؤول الأمور إلى استقرار نهائي، على أن تتجدد المواجهات في أي لحظة يبادر فيها الفلسطينيون أفراداً أو جماعات إلى تحريك الأوضاع".
ملامح الاستمرارية
في قراءته للأحداث، يرى الكاتب والباحث السياسي ساري عرابي أن "ملامح أي انتفاضة" تتلخص في عنصرين: "الأول وهو الاستمرارية، كما في تجارب الانتفاضات السابقة التي استمرت سنوات عدة، أما الثاني فيكمن في الشمول، بمعنى أن يكون هناك اتساع في المشاركة بهذه الأحداث بما يشمل الجغرافيا الفلسطينية، وكذلك مشاركة فئات المجتمع كلها".
ويضيف عرابي في حديثه لـ"هافينغتون بوست عربي"، أن الأحداث لازالت في الأسبوع الثالث، وأن المواجهات أيضاً لا تزال على نقاط الاحتكاك بمداخل المدن، "هذا الأمر يجعل الحديث عن الاستمرارية بحاجة لمزيد من الانتظار، وإن لم تستمر الأحداث وتتسع رقعتها فإن لهذا الحراك سمات خاصة قد تتطور إلى انتفاضة، أو انفجار شعبي كبير في المدى القريب أو المدة المتوسط".
عوامل الاستمرارية
يقول الدكتور سمير عوض، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة بيرزيت، شمالي رام الله، إن النقاش الدائر حول تسمية الأحداث ليس مهماً الآن، إذ "يكفي أن نطلق عليها اسم مواجهات، دون أن نبحث في استمراريتها من عدمها؛ لأنها مرهونة بعوامل رئيسية على الأرض".
عوض يوضح في تصريح لـ"هافينغتون بوست عربي" هذه العوامل، قائلاً إنها تتمثل في "مستوى استمرار الجيش الإسرائيلي في فرض إجراءاته فيما يخص البلدة القديمة بمدينة القدس المحتلة والمسجد الأقصى، فالبلدة القديمة تحولت إلى سجن كبير بعد الإغلاق التام لمداخلها".
ولضمان استمرار هذه الأحداث يرى عوض أنه من الضروري "ظهور القيادة التي ستعمل على تقديم التوجيهات لهذا الحراك من مختلف الفصائل والأحزاب، فمن يقوده الآن هو الشباب دون سن العشرين عاماً".
أما العامل الثالث للاستمرارية، وفقاً لنفس المتحدث، فيتمثل في "الالتقاء حول المفاهيم باختلاف أماكن المواجهة، فالشبان في الضفة والقدس والداخل الفلسطيني وغزة موحدون جميعاً في الاشتباك مع إسرائيل، بينما الجسم السياسي القيادي الرسمي يعاني من انقسام بين الضفة وغزة، وهذا يعزز معطى أن قيادة الحراك الآن ليست القيادة الرسمية، وإنما الشباب المشارك، وبالتالي يبقى الباب مفتوحاً على كل الاحتمالات".
الباحث السياسي ساري عرابي بدوره يضيف عاملاً رابعاً يتمثل في الاستيطان بالضفة الغربية، "إذ أصبح يشكل خطراً على حياة الناس، لاسيما القرى المتاخمة للمستوطنات، فهناك اعتداءات ينفذها المستوطنون على البيوت والمساجد".
أما العامل الخامس، كما يراه عرابي، فيتمثل في "انغلاق الأفق السياسي ومراوحة المكان للعملية السياسية، وفشل مشروع التسوية، وهو قد أثر على رؤية الجمهور الفلسطيني للحقوق الفلسطينية".
عوائق عدة
في حديثه عن ما يمكن أن ينهي الأحداث الجارية في فلسطين، يرى الشوبكي، أستاذ العلوم السياسية في جامعة الخليل، أن هذه الأحداث "هي النقيض التام لبنية البلد التي قامت وفقاً لتصورات اللجنة الرباعية الدولية ومبعوثيها لعملية السلام".
الشوبكي رأى أن الأيام القريبة القادمة ستشهد "لغة دولية أكثر وضوحاً بخصوص مطالبة السلطة بضبط المشهد أمنياً بما يتوافق مع رؤية الرباعية، وهناك قد تبدأ بالتشكل عملية الضغط لوقف هذا الحراك".
بينما يرى الكاتب ساري عرابي أن أحد العوائق التي تقف أمام استمرارية الأحداث الحالية هو الحضور غير الواضح للأجيال الأخرى، "فالجيل المشارك حتى الآن هو جيل الشباب القريب من العشرينيات في العمر، أما الجيل الأكبر فهو لازال غير مشارك؛ نتيجة حالة الاستنزاف التي تعرض لها خلال السنوات والتجارب السابقة، وكذلك حالة الانقسام السياسي الداخلي".