كنت في حديقة عامة في الولايات المتحدة الأمريكيّة فرأيت عامل نظافة ينظف سلة المهملات من الخارج بدقة فشكرته لأنّي أدرك أنّه من الذين يُنسَون حين يوزع الشكر والامتنان، فانتهز الفرصة وأضاف أنّه إن لم يهتم بالخارج فإنّ الناس تشمئز من لمس الغطاء لإلقاء قمامتهم. درس في حب العمل وإتقانه مهما كان بسيطًا.
شيء يستحق كل تقدير في المجتمع الأمريكيّ وهو أنّهم حقًا يحبون ما يعملون أو يتعلمون حبه وإلا بحثوا عن عمل بديل. الناس تتعامل مع عملها بشرف. المعلمة تدرك مكانتها في المجتمع. الإعلاميّ يحمل رسالة الإعلام بداخله. الطبيب يوقن أنّ عمله نبيل، والمهندس والرسام والخبّاز والسبّاك. كل يفتخر بما يعمل ويجد عزته في إتقانه.
حين يسأل الأمريكيّ عن عمله يبتسم ويمكن أن تكون الإجابة أنّه يعمل كمساعد في عيادة ويقابل بشكر لعمله وكلمة طيّبة بأهميّته وهكذا الجميع مع الجميع. نظرة المجتمع الأمريكيّ هيّ أنّ جميع الأعمال لها مكانتها ولها رسالتها في المجتمع. هم يدركون أنّ الراتب يختلف من مجال إلى مجال لكنّهم لا يبنون قرارهم عليه فقط، بل يختارون العمل الذين يحبون ممارسته، العمل الذي كما قال بعضهم "تكون على استعداد للقيام به ولو بالمجان". هناك تقدير للملكات والمواهب الخاصة ولرغبات الإنسان. هناك سماحية للتجربة في أوساط مغايرة لأعوام حتى يجد الإنسان ما يريد أن يستمر فيه بقيّة عمره.
فكرة أخلاقيات العمل في المجتمع الأمريكيّ هي من دواعي فخر الأمريكيين وهي راسخة في ثقافتهم. وعلى الرغم من الزعم بتراجعها الذي يحوي بعض الحقيقة إلا أنّها ما زالت المقياس.
هل تمتلك أنت أخلاقيات العمل؟
قبل أن نجيب الإجابة المحفوظة أنّ هذا في أمريكا وليس عندنا أحب أن أوجه انتباه السادة القراء إلى أنّ ما الدول إلا بشر يعيشون على أرض مع بعض الشروط الأخرى التي تلازم تواجدهم، فدعونا في لحظة صدق مع النفس ننظر إلى أخلاقيات العمل عند بشر مثلنا ونحاسب أنفسنا.
هل لك مدير يترصدك، زميل يوشي بك، مسئوليات تكفي ثلاثة موظفين تقوم بها وحدك، المواصلات والزحام، الراتب الذي لا يكفي، متطلبات الحياة لا تنتهي؟ لست وحدك لكنّ كل هذا لا يبرر التهاون في العمل. أهم أخلاقيات العمل هي الأمانة والإحساس بالمسئولية والإتقان والانضباط والعمل بروح الفريق والبحث عن حلول إبداعيّة والمثابرة. كل هذا لا يتحقق إلا إن اقتنع الإنسان بجدوى عمله، وهذا بدوره لا يأتي إلا بفهم آثار ذلك العمل على المجتمع. فإن كنت لا ترى أنّ عملك له أثر تفخر به فابحث عن غيره أو جدّد فيه ليتناسب مع قيّمك.
الأمانة تكون في البذل والعطاء وإن لم يكن المدير بالغرفة، وفي حالتنا كمؤمنين بخالق، مراقبة الله في عملنا. لا يمكن لأمين أن يرتشي أو أن يقّدم معارفه على من هم أكفأ، أو أن يقبض مرتبًا لا يستحقه، أو أن يتقاعس عن الشرح في الصف رغبة في دروس خصوصيّة، أو أن يطلب من زميل أن يوّقع عنه، أو أن يسلم مشروعاً خالياً من مواصفات، وكل هذا بغض النظر عمّا إذا كان الراتب كافيًا أم لا. فالأمين يحترم عهده وقد عاهد أن يقوم بهذا العمل وبهذا الأجر من البداية.
أمّا الإحساس بالمسئولية فأحيانًا يكون الدافع الوحيد للذهاب إلى العمل في الموعد المحدد، وفي عدم تكبيد من وثقوا فينا خسائر ماديّة أو معنويّة لتقصيرنا. الإحساس بالمسئوليّة يدفع الطبيب للبحث عن أفضل وسيلة للعلاج والتعامل مع المريض وأهله. الإحساس بالمسئوليّة يجعل التاجر يعرض مزايا وعيوب سلعته دون غش أو خداع ويسّعرها بما تستحق. الإحساس بالمسئوليّة يصنع القائدات والقادة.
إن كان الإنسان أمينًا ويستشعر المسئولية فلن يقبل إلا بإتقان العمل، فالذي تنقصه هذه الصفّة يعلم الناس عنه ذلك فيبتعدون وسرعان ما يجد كل ما اختصره من وقت يترجم إلى قلة في دخله الماديّ.
انضباط المعايير والالتزام بقوانين العمل وبروح القوانين إذا تطلب الأمر لمن الخصائص التي يتمتع بها الناجحون في أعمالهم. الانضباط يجعله يتصفح موقع الشركة ومبيعاتها بدلًا من تصفح تويتر. ويجعله يرسل إلى زملائه لزيادة الإنتاجية لا إلى أصدقائه للاتفاق على مكان "الفسحة" القادمة. الانضباط يجعل الإنسان ينام مبكرًا ليعطي أفضل ما عنده بدلًا من مشاهدة برامج لا جدوى منها.
صاحب الأخلاق يدرك أنّه جزء من كل. يشعر بالانتماء لهذا المكان الذي يعمل به. هذه الروح ينميها الأعلى مركزًا عند كل من يعمل تحت يده. تنمى بالاجتماعات الدوريّة والحوافز ومشاركة النجاح مع الجميع. تنمى بالتلاحم وتحديد المهام ومناقشة الخلافات حتى لا تؤثر على سير العمل. حل الخلافات يحتاج أحيانًا إلى حلول إبداعيّة وإلى فتح المجال لعقول جديدة تقدم نفسها ويفسح لها المجال لتقود.
هناك أنظمة اقتصادية وسياسيّة تحكم المجتمعات وتخفف أعباء المواطنين ولا يمكن لفرد أن يغيرها وحده ولكنّك يمكن أن تغيّر المساحة الصغيرة التي تمتلكها في عملك وإن كانت فرن خبز أو غرفة أدوات تنظيف.
شيء يستحق كل تقدير في المجتمع الأمريكيّ وهو أنّهم حقًا يحبون ما يعملون أو يتعلمون حبه وإلا بحثوا عن عمل بديل. الناس تتعامل مع عملها بشرف. المعلمة تدرك مكانتها في المجتمع. الإعلاميّ يحمل رسالة الإعلام بداخله. الطبيب يوقن أنّ عمله نبيل، والمهندس والرسام والخبّاز والسبّاك. كل يفتخر بما يعمل ويجد عزته في إتقانه.
حين يسأل الأمريكيّ عن عمله يبتسم ويمكن أن تكون الإجابة أنّه يعمل كمساعد في عيادة ويقابل بشكر لعمله وكلمة طيّبة بأهميّته وهكذا الجميع مع الجميع. نظرة المجتمع الأمريكيّ هيّ أنّ جميع الأعمال لها مكانتها ولها رسالتها في المجتمع. هم يدركون أنّ الراتب يختلف من مجال إلى مجال لكنّهم لا يبنون قرارهم عليه فقط، بل يختارون العمل الذين يحبون ممارسته، العمل الذي كما قال بعضهم "تكون على استعداد للقيام به ولو بالمجان". هناك تقدير للملكات والمواهب الخاصة ولرغبات الإنسان. هناك سماحية للتجربة في أوساط مغايرة لأعوام حتى يجد الإنسان ما يريد أن يستمر فيه بقيّة عمره.
فكرة أخلاقيات العمل في المجتمع الأمريكيّ هي من دواعي فخر الأمريكيين وهي راسخة في ثقافتهم. وعلى الرغم من الزعم بتراجعها الذي يحوي بعض الحقيقة إلا أنّها ما زالت المقياس.
هل تمتلك أنت أخلاقيات العمل؟
قبل أن نجيب الإجابة المحفوظة أنّ هذا في أمريكا وليس عندنا أحب أن أوجه انتباه السادة القراء إلى أنّ ما الدول إلا بشر يعيشون على أرض مع بعض الشروط الأخرى التي تلازم تواجدهم، فدعونا في لحظة صدق مع النفس ننظر إلى أخلاقيات العمل عند بشر مثلنا ونحاسب أنفسنا.
هل لك مدير يترصدك، زميل يوشي بك، مسئوليات تكفي ثلاثة موظفين تقوم بها وحدك، المواصلات والزحام، الراتب الذي لا يكفي، متطلبات الحياة لا تنتهي؟ لست وحدك لكنّ كل هذا لا يبرر التهاون في العمل. أهم أخلاقيات العمل هي الأمانة والإحساس بالمسئولية والإتقان والانضباط والعمل بروح الفريق والبحث عن حلول إبداعيّة والمثابرة. كل هذا لا يتحقق إلا إن اقتنع الإنسان بجدوى عمله، وهذا بدوره لا يأتي إلا بفهم آثار ذلك العمل على المجتمع. فإن كنت لا ترى أنّ عملك له أثر تفخر به فابحث عن غيره أو جدّد فيه ليتناسب مع قيّمك.
الأمانة تكون في البذل والعطاء وإن لم يكن المدير بالغرفة، وفي حالتنا كمؤمنين بخالق، مراقبة الله في عملنا. لا يمكن لأمين أن يرتشي أو أن يقّدم معارفه على من هم أكفأ، أو أن يقبض مرتبًا لا يستحقه، أو أن يتقاعس عن الشرح في الصف رغبة في دروس خصوصيّة، أو أن يطلب من زميل أن يوّقع عنه، أو أن يسلم مشروعاً خالياً من مواصفات، وكل هذا بغض النظر عمّا إذا كان الراتب كافيًا أم لا. فالأمين يحترم عهده وقد عاهد أن يقوم بهذا العمل وبهذا الأجر من البداية.
أمّا الإحساس بالمسئولية فأحيانًا يكون الدافع الوحيد للذهاب إلى العمل في الموعد المحدد، وفي عدم تكبيد من وثقوا فينا خسائر ماديّة أو معنويّة لتقصيرنا. الإحساس بالمسئوليّة يدفع الطبيب للبحث عن أفضل وسيلة للعلاج والتعامل مع المريض وأهله. الإحساس بالمسئوليّة يجعل التاجر يعرض مزايا وعيوب سلعته دون غش أو خداع ويسّعرها بما تستحق. الإحساس بالمسئوليّة يصنع القائدات والقادة.
إن كان الإنسان أمينًا ويستشعر المسئولية فلن يقبل إلا بإتقان العمل، فالذي تنقصه هذه الصفّة يعلم الناس عنه ذلك فيبتعدون وسرعان ما يجد كل ما اختصره من وقت يترجم إلى قلة في دخله الماديّ.
انضباط المعايير والالتزام بقوانين العمل وبروح القوانين إذا تطلب الأمر لمن الخصائص التي يتمتع بها الناجحون في أعمالهم. الانضباط يجعله يتصفح موقع الشركة ومبيعاتها بدلًا من تصفح تويتر. ويجعله يرسل إلى زملائه لزيادة الإنتاجية لا إلى أصدقائه للاتفاق على مكان "الفسحة" القادمة. الانضباط يجعل الإنسان ينام مبكرًا ليعطي أفضل ما عنده بدلًا من مشاهدة برامج لا جدوى منها.
صاحب الأخلاق يدرك أنّه جزء من كل. يشعر بالانتماء لهذا المكان الذي يعمل به. هذه الروح ينميها الأعلى مركزًا عند كل من يعمل تحت يده. تنمى بالاجتماعات الدوريّة والحوافز ومشاركة النجاح مع الجميع. تنمى بالتلاحم وتحديد المهام ومناقشة الخلافات حتى لا تؤثر على سير العمل. حل الخلافات يحتاج أحيانًا إلى حلول إبداعيّة وإلى فتح المجال لعقول جديدة تقدم نفسها ويفسح لها المجال لتقود.
هناك أنظمة اقتصادية وسياسيّة تحكم المجتمعات وتخفف أعباء المواطنين ولا يمكن لفرد أن يغيرها وحده ولكنّك يمكن أن تغيّر المساحة الصغيرة التي تمتلكها في عملك وإن كانت فرن خبز أو غرفة أدوات تنظيف.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.